آخر الزمان لا تكاد رؤيا المؤمن تكذب

إن مما أخبر عنه المصطفى صلى الله عليه وسلم أنه فى آخر الزمان لا تكاد رؤيا المؤمن تكذب، وقد جاء ذلك فى الصحيحين من حديث أبى هريرة – رضى الله عنه – أن النبى صلى الله عليه وسلم قال : إذا اقترب الزمان لم تكد رؤيا المؤمن تكذب …" متفق عليه

وقد اختلف العلماء فى معنى اقتراب الزمان فى الحديث، وأشهر الأقوال: قولان:-

الأول: أن المراد تقارب زمان الليل وزمان النهار، وهو وقت استوائهما أيام الربيع – والمعبرون يقولون: أصدق الرؤيا ما كان وقت اعتدال الليل والنهار وإدراك الثمار.
الثانى: أن المراد باقتراب الزمان انتهاء مدته، إذا دنا قيام الساعة.
وهذا هو الراجح – والله أعلم – لأنه لو كان المراد القول الأول لما اختص به المؤمن، ولما جاء فى سنن الترمذى من حديث أبى هريرة – رضي الله عنه –
" فى آخر الزمان لا تكاد رؤيا المؤمن تكذب رواه الترمذي فى كتاب الرؤيا، باب ما جاء فى رؤيا النبى صلى الله عليه وسلم فى الميزان والدلو (7/56)
وقد رجح هذا القول – الثانى – ابن حجر – رحمه الله – فقال: والمراد به اقتراب الساعة قطعاً. أ – ﻫ فتح البارى 12/423
ورجحه أيضاً فضيلة شيخنا محمد بن عثيمين حفظه الله.
وفى الحديث تبشير للمؤمنين فى آخر الزمان بصدق روياهم حيث نفى النبى صلى الله عليه وسلم الكذب عنها، لأن حرف النفى الداخل على كاد ينفى قرب حصوله والنافى لقرب حصول الشيء أدل على نفيه نفسه.)2
والحكمة – والله أعلم – من هذه الكرامة للمؤمنين: لأنه فى آخر الزمان يذهب أهل العلم بأمور الديانة، وتتعذر النبوة فى هذه الأمة، فعوض المؤمنون بالرؤيا الصادقة ليجدد لهم ما قد درس من العلم.

أو لأن المؤمنين يقل عددهم ويغلب الكفر والجهل والفسق على الموجودين، فيؤنس الله المؤمن ويعينه بالرؤيا الصادقة إكراماً له وتسلية.

وكلف صاحب الصورة الكثيفة أمراً شديداً وهو أن يتم ما خلقه بزعمه بنفخ الروح فيه، فوقع وعيد كل منهما بأن يعذب حتى يفعل ما كلف به، وهو ليس بفاعل فصار كناية عن التعذيب على الدوام.
والحكمة من هذا الوعيد – والعلم عند الله – أن الأول كذب على جنس النبوة، والثانى نازع الخالق فى قدرته.
ومما يروى فى هذا المعنى: أن رجلاً قص على ابن سيرين – رحمه الله –
فقال: رأيت كأن بيدى قدحاً من زجاج فيه ماء، فانكسر القدح وبقى الماء،
فقال له: اتق الله فإنك لم تر شيئاً، فقال: سبحان الله. قال ابن سيرين:
فمن كذب فما على، ستلد امرأتك وتموت ويبقى ولدها، فلما خرج الرجل
قال: والله ما رأيت شيئاً، فما لبث أن ولد له، وماتت امرأته.
فيجب على المسلم أن يحذر أشد الحذر من الوقوع فى محارم الله، وأن يجتنب الكذب فى اليقظة والمنام، فإن الكذب لا يأتى بخير، وخصوصاً الكذب فى الرؤيا، فإن الوعيد فيه شديد. فلا يجوز للمسلم أن يكذب فى الرؤيا مهما كان الأمر، ومهما دعت الحاجة كما يزعم بعض الناس أنه يأتى بها من باب الموعظة والنصح أو الإصلاح، فهذا أمر مرفوض ، إذ فى الكتاب والسنة من أساليب التأثير والمواعظ ما فيه كفاية عن الكذب، فيسع المسلم ما وسع الصحابة قبله والتابعين لهم بإحسان، والله أعلم.

جزاك الله خيرا cheers

» رؤيا في شخص هو خضر الزمان المهدي
» نقد كتاب مظهر المؤمن
» قراءة فى كتاب البلاء في حسن المؤمن
» نقد خطبة المؤمن بين الإخلاص والرياء
» رؤيا الأب المتوفّي لـ "رؤيا"