منتدى رؤى المهدي
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.


منتدى رؤى المهدي
 
الرئيسيةالبوابةأحدث الصورالتسجيلدخولأحدث المشاركات
المواضيع الأخيرة
» قراءة فى كتاب إرشاد الأخيار إلى منهجية تلقي الأخبار
الدين المُنزّل والدين المُبدّل وحقيقة الصراع بينهما I_icon_minitimeمن طرف رضا البطاوى اليوم في 5:54 am

» الميسر والقمار فى القرآن
الدين المُنزّل والدين المُبدّل وحقيقة الصراع بينهما I_icon_minitimeمن طرف رضا البطاوى أمس في 6:05 am

» وسيلة أكيدة و جريئة لإيصال المساعدات لأهل العزة بدون قيود..
الدين المُنزّل والدين المُبدّل وحقيقة الصراع بينهما I_icon_minitimeمن طرف جرندايزر أمس في 1:47 am

» جهاز كشف الذهب الخام والكنوز | جولد ديجر الألماني متوفر الأن في شركة ديتيكتورز شوب
الدين المُنزّل والدين المُبدّل وحقيقة الصراع بينهما I_icon_minitimeمن طرف Detectors Shop أمس في 1:38 am

» قراءة فى مقال لغز زانا الأم الوحشية لأبخازيا
الدين المُنزّل والدين المُبدّل وحقيقة الصراع بينهما I_icon_minitimeمن طرف رضا البطاوى الجمعة مايو 17, 2024 7:22 am

» العلاج الناجع لجميع المشاكل الزوجيّة!
الدين المُنزّل والدين المُبدّل وحقيقة الصراع بينهما I_icon_minitimeمن طرف جرندايزر الجمعة مايو 17, 2024 4:29 am

» المعية الإلهية فى القرآن
الدين المُنزّل والدين المُبدّل وحقيقة الصراع بينهما I_icon_minitimeمن طرف رضا البطاوى الخميس مايو 16, 2024 6:15 am

» عمل عرض فني ومالي للمناقصات السعودية - Hisarbey لتجارة منتجات الأخشاب ومخلفاتها
الدين المُنزّل والدين المُبدّل وحقيقة الصراع بينهما I_icon_minitimeمن طرف جرندايزر الخميس مايو 16, 2024 3:02 am

» كشف لرد على رسالة على الخاصّ بخصوص الأدلّة أنني المهدي
الدين المُنزّل والدين المُبدّل وحقيقة الصراع بينهما I_icon_minitimeمن طرف جرندايزر الخميس مايو 16, 2024 2:57 am

» أبوعبدالرحمن وشيخه تاني! كان شاهيناز+نور محمّد - أساساً إلى أبوعبدالرحمن (قناة نهاية العالم و الفتن - القبضة الناريّة)- هام جدّاً
الدين المُنزّل والدين المُبدّل وحقيقة الصراع بينهما I_icon_minitimeمن طرف جرندايزر الخميس مايو 16, 2024 2:25 am

» خاب و خسر من...
الدين المُنزّل والدين المُبدّل وحقيقة الصراع بينهما I_icon_minitimeمن طرف جرندايزر الخميس مايو 16, 2024 1:47 am

» نقد رسالة في جواب شريف بن الطاهر عن عصمة المعصوم
الدين المُنزّل والدين المُبدّل وحقيقة الصراع بينهما I_icon_minitimeمن طرف رضا البطاوى الأربعاء مايو 15, 2024 6:08 am

» نظرات فى مقال أسرار وخفايا رموز العالم القديم
الدين المُنزّل والدين المُبدّل وحقيقة الصراع بينهما I_icon_minitimeمن طرف رضا البطاوى الثلاثاء مايو 14, 2024 6:08 am

» شركات تصميم تطبيقات الجوال فى مصر - تك سوفت
الدين المُنزّل والدين المُبدّل وحقيقة الصراع بينهما I_icon_minitimeمن طرف جرندايزر الإثنين مايو 13, 2024 5:36 pm

» قراءة فى مقال آثار غامضة ... هل هي أكاذيب أم بقايا حضارات منسية؟
الدين المُنزّل والدين المُبدّل وحقيقة الصراع بينهما I_icon_minitimeمن طرف رضا البطاوى الإثنين مايو 13, 2024 6:07 am

» يوم الدبابير العالمي! (لأنّهم نصروا غزّة بعكس الجيش المصري و الأردني وباقي الجيوش العربيّة)
الدين المُنزّل والدين المُبدّل وحقيقة الصراع بينهما I_icon_minitimeمن طرف جرندايزر الإثنين مايو 13, 2024 2:02 am

» خرافة وهم سبق الرؤية .. ديجا فو
الدين المُنزّل والدين المُبدّل وحقيقة الصراع بينهما I_icon_minitimeمن طرف رضا البطاوى الأحد مايو 12, 2024 6:12 am

» لماذا قد يلحد البعض؟!
الدين المُنزّل والدين المُبدّل وحقيقة الصراع بينهما I_icon_minitimeمن طرف جرندايزر السبت مايو 11, 2024 8:13 pm

» قراءة فى مقال هستيريا
الدين المُنزّل والدين المُبدّل وحقيقة الصراع بينهما I_icon_minitimeمن طرف رضا البطاوى السبت مايو 11, 2024 6:09 am

» صور الامام المهدي من الذكاء الاصطناعي
الدين المُنزّل والدين المُبدّل وحقيقة الصراع بينهما I_icon_minitimeمن طرف جرندايزر السبت مايو 11, 2024 3:56 am

» قراءة فى مقال فن التحقيق الجنائي في الجرائم الإلكترونية
الدين المُنزّل والدين المُبدّل وحقيقة الصراع بينهما I_icon_minitimeمن طرف رضا البطاوى الجمعة مايو 10, 2024 6:32 am

» قراءة فى مقال مونوتشوا رعب في سماء لوكناو الهندية
الدين المُنزّل والدين المُبدّل وحقيقة الصراع بينهما I_icon_minitimeمن طرف رضا البطاوى الخميس مايو 09, 2024 5:54 am

» قراءة فى مقال مستقبل قريب
الدين المُنزّل والدين المُبدّل وحقيقة الصراع بينهما I_icon_minitimeمن طرف رضا البطاوى الأربعاء مايو 08, 2024 5:56 am

» نظرات فى مقال ماذا يوجد عند حافة الكون؟
الدين المُنزّل والدين المُبدّل وحقيقة الصراع بينهما I_icon_minitimeمن طرف رضا البطاوى الثلاثاء مايو 07, 2024 6:08 am

» أهل الكتاب فى عهد النبى (ص)فى القرآن
الدين المُنزّل والدين المُبدّل وحقيقة الصراع بينهما I_icon_minitimeمن طرف رضا البطاوى الإثنين مايو 06, 2024 6:29 am

بحـث
 
 

نتائج البحث
 

 


Rechercher بحث متقدم
سحابة الكلمات الدلالية
الأمة الرؤى الاحلام المهدي تفسير السيسي رؤيا العودة بلاد دواء المائدة بنتي الحب الفتنة ررأيت سلمان امتحان تسنيم الإسلامية القمر الشيخ رؤية الحياة الشام الخاصة الله

 

 الدين المُنزّل والدين المُبدّل وحقيقة الصراع بينهما

اذهب الى الأسفل 
كاتب الموضوعرسالة
Taheer




المساهمات : 24
السٌّمعَة : 0
تاريخ التسجيل : 18/02/2020

الدين المُنزّل والدين المُبدّل وحقيقة الصراع بينهما Empty
مُساهمةموضوع: الدين المُنزّل والدين المُبدّل وحقيقة الصراع بينهما   الدين المُنزّل والدين المُبدّل وحقيقة الصراع بينهما I_icon_minitimeالأربعاء فبراير 19, 2020 12:02 pm

بسم الله الرحمن الرحيم
الدين المُنزّل والدين المُبدّل وحقيقة الصراع بينهما
المقدمة
حين أنزل الله سبحانه وتعالى آدم عليه السلام إلى الأرض وعده بأن يٌنزّل هداه إليه وإلى ذريته من بعده {(قُلْنَا اهْبِطُواْ مِنْهَا جَمِيعاً فَإِمَّا يَأْتِيَنَّكُم مِّنِّي هُدًى فَمَن تَبِعَ هُدَايَ فَلاَ خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلاَ هُمْ يَحْزَنُونَ)البقرة 38 } ، هذا الهدى المتمثل في الوحي والرسل الكرام والكتب السماوية ، وذلك لأن الله يعلم أن الإنسان الذي خلقه – وهو أعلم بما خلق – بطبيعته التي ألهمها فجورها وتقواها لا يمكن أن يصل بنفسه إلي الصراط المستقيم وإلي الميزان القويم الذي يزن ويقوم به أفكاره وتصوراته وقيمه وأخلاقه وسلوكه وتصرفاته وأعماله وأهدافه وطموحاته وأنه بدون هذا الميزان القويم – أي دين الله وهداه المُنزّل - سوف يضل ويطغى وتصبح حياته ضنكى ، فكان هدى الله لهذا المخلوق رحمة منه ومنّا ، وفضلا من لدنه وتكريما..............وكان يعلم سبحانه وتعالى أيضا أن هذا المخلوق مفطور على النسيان ولهذا سمي إنسانا ، فكان هذا الهدى المُنزّل تذكرة للإنسان بميثاقه وعهده مع الله{( وَإِذْ أَخَذَ رَبُّكَ مِن بَنِي آدَمَ مِن ظُهُورِهِمْ ذُرِّيَّتَهُمْ وَأَشْهَدَهُمْ عَلَىٰ أَنفُسِهِمْ أَلَسْتُ بِرَبِّكُمْ ۖ قَالُوا بَلَىٰ ۛ شَهِدْنَا ۛ أَن تَقُولُوا يَوْمَ الْقِيَامَةِ إِنَّا كُنَّا عَنْ هَٰذَا غَافِلِينَ (172 ) أوْ تَقُولُوا إِنَّمَا أَشْرَكَ آبَاؤُنَا مِن قَبْلُ وَكُنَّا ذُرِّيَّةً مِّن بَعْدِهِمْ ۖ أَفَتُهْلِكُنَا بِمَا فَعَلَ الْمُبْطِلُونَ ( الأنفال 173 }، وفوق هذا وذاك هناك أعداؤه من شياطين الجن والأنس يتربصون له بالمرصاد ليصدوه عن سبيل الله ويضلوه عن دينه ويطمسوا فطرته ويحولوا بينه وبين هداه...فكان هذا إيذانا ببدء الصراع ، الصراع بين الحق والباطل ، الصراع بين الهدى والضلال ، الصراع بين الدين المُنزّل والدين المُبدّل والذي هو صورة من صور هذا الصراع ...وسوف نتناول هذه الصورة بالتفصيل المناسب لهذا البحث ، حقيقة الدين المُنزّل والدين المُبدّل ، تاريخ الصراع بينهما وصور ومظاهر هذا التبديل ثم ننتقل إلى حياتنا المعاصرة لنلقي الضوء ونكشف حقيقة هذا الصراع بصوره ومظاهره وألوانه الحديثه وسوف نتجنب الإسهاب والتفاصيل الغير مناسبة لهذا المقام فليس هذا مقامها إنما الهدف هو التنبيه وكشف هذا اللون الخبيث من ألوان الصراع {(وَكَذَلِكَ نُفَصِّلُ الآيَاتِ وَلِتَسْتَبِينَ سَبِيلُ الْمُجْرِمِينَ)الأنعام 55} ليصبح كل منا على بينة من أمره ..أهو متبع وملتزم بالدين المُنزّل أم بالدين المُبدّل ، أهو يتعبد الله ويدين له بالدين المُنزّل أم بالدين المُبدّل !!! هذا قبل أن يفاجأ بهذه الحقيقة المفجعة والمصيبة الأبدية وهو يحاسب بين يدي الله سبحانه وقد مضى ما مضي ولا ينفع ندم ولا حسرة بل قد يُواجه بها بمجرد خروج روحه وسؤال الملكين له في قبره عن دينه فيقول بلسان الحقيقة (لا بلسان الوهم والغفلة) لا أدري لا أدري.. فقد غابت عنه حقيقة الدين المُنزّل من عند الله وهوالإسلام الحق وكان من الغافلين والمعاندين !!!
الدين المُنزَّل 
قال تعالى { (قَالَ اهْبِطَا مِنْهَا جَمِيعًا ۖ بَعْضُكُمْ لِبَعْضٍ عَدُوٌّ ۖ فَإِمَّا يَأْتِيَنَّكُم مِّنِّي هُدًى فَمَنِ اتَّبَعَ هُدَايَ فَلَا يَضِلُّ وَلَا يَشْقَىٰ (123 ) وَمَنْ أَعْرَضَ عَن ذِكْرِي فَإِنَّ لَهُ مَعِيشَةً ضَنكًا وَنَحْشُرُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَعْمَىْٰ( 124) طه } فالدين المنزَل هو الهدى المُنزَّل من عند الله الذي وعد الله تعالى آدم وذريته بإنزاله عليهم بين حين وآخر كلما طال عليهم الأمد وتبدل الحال وتغيرت الأحوال واجتالتهم الشياطين فنسوا وعد الله وميثاقه ، وهو يشمل هدى الله ومراده في كل ما يخص الحياة البشرية من تصورات ومفاهيم ( حقيقة الألوهية وحقيقة العبودية وحقيقة العلاقة بينهما ، حقيقة الحياة الدنيا والحياة الآخرة والعلاقة بينهما ، تاريخ خلق الإنسان وموقف ابليس – لعنه الله- وحقيقه العداوة بينهما ووو....) ومن أخلاق وقيم ومبادىْ تشمل النواحي المختلفة للحياة البشرية ( النواحي الإجتماعية والثقافية والسياسية والتعليمية و الترفيهية ووو...) ومن تشريعات وقوانين وحدود في كافة الميادين ( النسك والشعائر ، السياسة والإقتصاد ، العلاقات الخارجية والأمن الداخلي ووو....) ...ولأن الله يعلم أن هذا المخلوق { ( أَلَا يَعْلَمُ مَنْ خَلَقَ وَهُوَ اللَّطِيفُ الْخَبِير (14) تبارك} ليس في إمكاناته العقلية والقلبية والنفسية الوصول إلى هذا الهدى بنفسه أو من خلال تجاربه وخبراته بمعزل عن ربه ، فقد تكفل سبحانه وتعالى كرما منه وفضلا بإنزال هذا الهدى من عنده ليجنبه الضلال {(وَاذْكُرُوهُ كَمَا هَدَاكُمْ وَإِن كُنتُم مِّن قَبْلِهِ لَمِنَ الضَّالِّينَ (198)...} والتيه في الظلمات ..ظلمات النفس والقلب والحياة ..{( كِتَابٌ أَنزَلْنَاهُ إِلَيْكَ لِتُخْرِجَ النَّاسَ مِنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ بِإِذْنِ رَبِّهِمْ إِلَىٰ صِرَاطِ الْعَزِيزِ الْحَمِيدِ (1)} .
واختار سبحانه وتعالى أوثق الطرق لإنزال هذا الدين وهذا الهدي ، فاختار لذلك الروح الأمين جبريل عليه السلام ، أمين على دين الله وهديه ورسالته يبلغها بلا زيادة ولا نقصان فهو من الملائكة المكرمين البررة الذين {( لا يَعْصُونَ اللَّهَ مَا أَمَرَهُمْ وَيَفْعَلُونَ مَا يُؤْمَرُونَ (التحريم 6 }...يبلغها إلى رسله من الناس فهم الأصفياء من خلقه ،وهم الزؤابة من القوم نسبا وخلقا ورجاحة عقل ليمتثلوا هذا الهدى في حياتهم ويبلغوا أقوامهم فيدلوهم على الطريق ويكونوا حجة على المعرضين والمستكبرين ...فهو اذاٍ دين محكم وطريقة محكمة لإنزال هذا الهدى إلى الناس ، طريق لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه ، دين رباني وهدى سماوي لم يخالطه هوى بشري ولا وحي شيطاني!!... ومع دين الله المُنزّل ، انقسم الناس إلى فريقين ، فريق هداه الله بهديه وفريق حقت عليهم الضلاله برفضهم دين الله وإعراضهم عنه...وهؤلاء رايتهم واضحة وطريقهم معروف ومصيرهم محتوم ، فماذا عن فريق الهدى وأصحاب الصراط هل تركهم الشيطان وسبيلهم ؟ هل استسلم ورفع الراية ؟ كلا إنه لهم لبالمرصاد {( قَالَ فَبِمَا أَغْوَيْتَنِي لَأَقْعُدَنَّ لَهُمْ صِرَاطَكَ الْمُسْتَقِيمَ (16) ثمَّ لَآتِيَنَّهُم مِّن بَيْنِ أَيْدِيهِمْ وَمِنْ خَلْفِهِمْ وَعَنْ أَيْمَانِهِمْ وَعَن شَمَائِلِهِمْ ۖ وَلَا تَجِدُ أَكْثَرَهُمْ شَاكِرِينَ (17)الأنفال } فماذا فعل الشيطان وجنوده معهم!!
الدين المُبدَّل
ذكرنا أن الله سبحانه وتعالى أنزل هداه إلى البشرية آيات بينات محكمات وتوارث الناس هذا الهدى وهذا الدين جيلا بعد جيل حتى أصبح في حياة الناس ميزانا قيما يرجعون إليه في كل شيء صغيرا كان أم كبيرا فتستقيم حياتهم في الدنيا ويعم الرخاء والأمان وينالون رضى ربهم في الآخرة والفوز بجنات النعيم، ومن خالف وعصى فهو المخالف وهو العاص لاستقرار ووضوح هذا الميزان وهذا الدين في حياة الناس ، ولكن شياطين الجن والإنس أفسدوا عليهم هذه النعمة وهذا الإستقرار بإفساد هذا الميزان وتبديل هذا الدين شيئا فشيئا من خلال بث سموم التشكيك والإرجاف ودعاوى التغيير والتطوير والتحديث لمواجهة الواقع المتغير ثم صناعة رموز محاطة بهالة من القداسة والمرجعية( سنقوم بتفصيل هذه الوسائل فيما بعد) فتقوم بهذا التبديل تدريجيا والناس عن ذلك غافلون بل هم راضون مطمئنون وتنشأ أجيال وأجيال في ظل هذا الدين المبدَل وهم يحسبون أنهم على شيء بينما دينهم الذي أصبحوا عليه في حقيقة الأمر لا يتشابه مع دين الله المنزَّل إلا في بعض المظاهر من الشعائر والطقوس بينما أصوله وقواعده وأحكامه وشرائعه وقيمه وأخلاقه لا وجود لها في حياة الناس ولا في هذا الدين المبدَل الذي تعارفوا عليه ، حتى إذا جاء وعد الله وأرسل رسله وأنزل كتبه بالهدى من عنده ليعيد الناس إلى دينه وصراطه المستقيم كذبوهم وآذوهم وأعرضوا عنهم... {(وَكَذَٰلِكَ مَا أَرْسَلْنَا مِن قَبْلِكَ فِي قَرْيَةٍ مِّن نَّذِيرٍ إِلَّا قَالَ مُتْرَفُوهَا إِنَّا وَجَدْنَا آبَاءَنَا عَلَىٰ أُمَّةٍ وَإِنَّا عَلَىٰ آثَارِهِم مُّقْتَدُونَ ، قَالَ أَوَلَوْ جِئْتُكُم بِأَهْدَىٰ مِمَّا وَجَدتُّمْ عَلَيْهِ آبَاءَكُمْ ۖ قَالُوا إِنَّا بِمَا أُرْسِلْتُم بِهِ كَافِرُونَ) الزخرف :23، 24} وهكذا أصبح دين الآباء المُبدَل هو الميزان وهو المقياس الذي على أساسه يرفضون دعوة الأنبياء بالدين الحق المُنزَّل من عند الله... وسوف نتتبع هذا المكر وهذا الإفتراء في صفحات من التاريخ لنتواصل مع عالمنا المعاصر ...
أمثلة من التاريخ
تمثل عقيدة التوحيد ( توحيد الربوبية والألوهية وصفات الله ) أصل دين الله المنزّل ومن ثم فهي جوهر الأديان السماوية التي نزلت على الرسل جميعا من لدن آدم عليه السلام إلى محمد عليه الصلاة والسلام ، وتوحيد الألوهية تعني الإقرار بألوهية الله وحده لا شريك له فهو وحده صاحب الأمر والنهي في الكون كله كما أنه هو وحده خالق الكون كله (توحيد الربوبية) ومعنى ذلك أن تكون مرجعية الأمر في حياتنا ومماتنا ويوم البعث له وحده ومقتضى هذا(مقتضيات الألوهية) أن يكون الله وحدة مصدر الحكم والتشريع والشعائر والقيم ووو ومن ثم فعقيدة التوحيد التي نزلت في دين الله على الرسل جميعا هي القاعدة التي تبنى عليها التصورات والمفاهيم والأحكام والتشريعات والشعائر التعبدية والنظم والقيم والأخلاق ، فهي قاعدة ثابتة في دين الله المنزَّل أما ما يبنى عليها من أحكام وتشريعات وشعائر ونظم فقد تتغير في الدين المنزَّل من رسول إلى آخر طبقا لما يعلمه الله من الضرورة لهذا التغيير.


يتبع..
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
Taheer




المساهمات : 24
السٌّمعَة : 0
تاريخ التسجيل : 18/02/2020

الدين المُنزّل والدين المُبدّل وحقيقة الصراع بينهما Empty
مُساهمةموضوع: رد: الدين المُنزّل والدين المُبدّل وحقيقة الصراع بينهما   الدين المُنزّل والدين المُبدّل وحقيقة الصراع بينهما I_icon_minitimeالأربعاء فبراير 19, 2020 12:03 pm

الدين المنزَّل على إبراهيم عليه السلام
جاء ابراهيم عليه السلام أبو الأنبياء بالحنيفية السمحاء أي التوحيد الصافي الخالي من كل أنواع وألوان الشرك صغيره وكبيره ، خفيه وجليله ، وأتبعته ثلة من قومه فيما نزل عليه من ربه وبدأت دورة جديدة من دين الله الحق المنزل تنتشر على ضفاف دجلة والفرات والنيل على يد أبنائه إسحاق ويعقوب ويوسف ثم جزيرة العرب على يد إسماعيل عليهم جميعا السلام فتلاشى على أثره الباطل الدين المبدَّل الذي توارثته الأجيال بعد ما بدلت دين الله الحق الذي نزل على نوح وهود وصالح عليهم السلام *، واستمرت عقيدة التوحيد تنتشر وتستقر حتى أوعز الشيطان إلى أحد أوليائه بالبدء في التبديل وهو عمرو بن لحي سيد قبيلة خزاعة التي سيطرت على مكة والحرم وطردت قبيلة جرهم منه .....قال بن إسحاق: حدثني محمد بن إبراهيم بن الحارث التيمي أن أبا صالح السمان حدثه أنه سمع أبا هريرة يقول : سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول لأكثم الخزاعي : يا أكثم رأيت عمرو بن لحي بن قميئة بن خندف يجر قصبه في النار ، فما رأيت رجلا أشبه برجل منك ولا بك منه ، فقال أكثم : عسى ألا يضرني شبهه يا نبي الله ؟ ...قال : ( إنك مؤمن وهو كافر ، وهو أول من غير دين إبراهيم فنصب الأوثان وبحر البحيرة وسيب السائبة ووصل الوصيلة ) مختصر سيرة الرسول صلى الله عليه وسلم الشيخ عبد اللطيف النجدي....فعمرو بن لحي هو أول من غير وبدل دين التوحيد المنزل من عند الله على ابراهيم عليه السلام بنصب الأوثان والأصنام وما هي إلا رموز لأشخاص كانت لهم مكانه واعتبار في قومهم ، وبالأوثان والأصنام صنعوا لهم هالة من القداسة والحضور عند القوم وأصبح لهم سدنة يدّعون رؤيتهم والتواصل معهم وما هم في حقيقة الأمر إلا شياطين الجن يوحي بعضهم إلى بعض ، فأصبحوا مصادر ومرجعية في الأمر والنهي والتلقي فتهدمت عقيدة التوحيد وتغيرت وتبدلت وفتح الباب على مصراعية في تبديل الشرائع والشعائر والنظم !!!...أول من غير دين الله المنزل على إبراهيم ..فنصب الأوثان ( هدم وتبديل عقيدة التوحيد) وبحر البحيرة وسيب السائبة ووصل الوصيلة ( تبديل الشرائع والشعائر).
*فقد روى البخاري في صحيحه: حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ مُوسَى، أَخْبَرَنَا هِشَامٌ، عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ، وَقَالَ عَطَاءٌ: عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا، «صَارَتِ الأَوْثَانُ الَّتِي كَانَتْ فِي قَوْمِ نُوحٍ فِي العَرَبِ بَعْدُ أَمَّا وَدٌّ كَانَتْ لِكَلْبٍ بِدَوْمَةِ الجَنْدَلِ، وَأَمَّا سُوَاعٌ كَانَتْ لِهُذَيْلٍ، وَأَمَّا يَغُوثُ فَكَانَتْ لِمُرَادٍ، ثُمَّ لِبَنِي غُطَيْفٍ بِالْجَوْفِ، عِنْدَ سَبَإٍ، وَأَمَّا يَعُوقُ فَكَانَتْ لِهَمْدَانَ، وَأَمَّا نَسْرٌ فَكَانَتْ لِحِمْيَرَ لِآلِ ذِي الكَلاَعِ، أَسْمَاءُ رِجَالٍ صَالِحِينَ مِنْ قَوْمِ نُوحٍ، فَلَمَّا هَلَكُوا أَوْحَى الشَّيْطَانُ إِلَى قَوْمِهِمْ، أَنِ انْصِبُوا إِلَى مَجَالِسِهِمُ الَّتِي كَانُوا يَجْلِسُونَ أَنْصَابًا وَسَمُّوهَا بِأَسْمَائِهِمْ، فَفَعَلُوا، فَلَمْ تُعْبَدْ، حَتَّى إِذَا هَلَكَ أُولَئِكَ وَتَنَسَّخَ العِلْمُ عُبِدَتْ»
 دين الله المنزَّل على موسى عليه السلام
أنزل الله على موسى عليه السلام التوراة وهي تشمل عقيدة التوحيد والشريعة المنزلة على بني إسرائيل ( بني يعقوب عليه السلام) وقد كانت محاولات تبديل الدين المنزَّل مبكرة جدا عند بني إسرائيل فبمجرد أن تركهم موسى عليه السلام لتلقي الألواح (الشريعة والأحكام والقيم...) من الله عز وجل ،أوعز الشيطان إلي السامري بصناعة العجل من حليهم وعبادته كما كانوا يفعلون من قبل أيام فرعون وملئه ، لولا أن موسى عليه السلام أبطل هذا الكيد ووأد هذه الفتنة والمحاولة لهدم عقيدة التوحيد بأمر من الله وبحسم وقوة ثم جرى التبديل شيئا فشيئا بعد موسى عليه السلام وتولى الأحبار وكهان المعبد كبر هذه الجريمة ، والقرآن يخبرنا بكل ذلك فقاموا بتحريف آيات الله نصا ومعني قال تعالى {( فَوَيْلٌ لِلَّذِينَ يَكْتُبُونَ الْكِتَابَ بِأَيْدِيهِمْ ثُمَّ يَقُولُونَ هَذَا مِنْ عِنْدِ اللَّهِ لِيَشْتَرُوا بِهِ ثَمَنًا قَلِيلًا فَوَيْلٌ لَهُمْ مِمَّا كَتَبَتْ أَيْدِيهِمْ وَوَيْلٌ لَهُمْ مِمَّا يَكْسِبُونَ)البقرة :79 }..،يقول الإمام بن كثير في تفسيره : هؤلاء صنف آخر من اليهود ، وهم الدعاة إلى الضلال بالزور والكذب على الله ، وأكل أموال الناس بالباطل ...وأجرم الكذب وأقبحه هو التقول على الله بغير علم وتغيير كلماته .. بل قاموا بالتبديل الواضح البين بكل جرأة وسفاهة !!! {( فَبَدَّلَ الَّذِينَ ظَلَمُوا مِنْهُمْ قَوْلًا غَيْر الَّذِي قِيلَ لَهُمْ فَأَرْسَلْنَا عَلَيْهِمْ رِجْزًا مِنْ السَّمَاء بِمَا كَانُوا يَظْلِمُونَ ) البقرة :59}..، وامتد التبديل إلى شرع الله وحدوده {(... وَمِنَ الَّذِينَ هَادُوا ۛ سَمَّاعُونَ لِلْكَذِبِ سَمَّاعُونَ لِقَوْمٍ آخَرِينَ لَمْ يَأْتُوكَ ۖ يُحَرِّفُونَ الْكَلِمَ مِن بَعْدِ مَوَاضِعِهِ ۖ ...) المائدة :41 } يقول الإمام بن كثير في تفسيره : أي : يتأولونه على غير تأويله ، ويبدلونه من بعد ما عقلوه وهم يعلمون ...انتهى ، وأهم تبديل وقع في تاريخهم حدث أثناء السبي البابلي فاجتمع الأحبار وال كهان الذين تم سبيهم وأصطلحوا على مفاهيم وتصورات وأحكام وشرائع ونبوءات ومخططات دخل فيها الكثير من أهوائهم في تفسير أيات التوراة وجمعوها وسموها التلمود وأصبحت عندهم أصل من الأصول المرجعية بل أصبحت على مر العقود هي الأصل والنص والكتاب المقدس المقدم حتى على التوراة التي جعلوها وراء ظهورهم !!! وأصبح اليهود مُلزَمون به في حاضرهم ومستقبلهم فأصبحت الديانة اليهودية لا تمثل الدين المُنزَّل من عند الله على موسى عليه السلام بل هو الدين المُبدَّل بواسطة الأحبار والكهان بوحي من شياطينهم وبذلك اتخذوهم (أي الشعب اليهودي ) أربابا ( أي الأحبار والكهان) من دون الله .... { (اتَّخَذُوا أَحْبَارَهُمْ وَرُهْبَانَهُمْ أَرْبَابًا مِنْ دُونِ اللَّهِ وَالْمَسِيحَ ابْنَ مَرْيَمَ وَمَا أُمِرُوا إِلا لِيَعْبُدُوا إِلَهًا وَاحِدًا لا إِلَهَ إِلا هُوَ سُبْحَانَهُ عَمَّا يُشْرِكُونَ )التوبة :31 } و حدثنا أبو حصين القاضي ثنا يحيى الحساني قالوا ثنا عبد السلام بن حرب أنا غطيف بن أعين من أهل الجزيرة عن مصعب بن سعد عن عدي بن حاتم قال : أتيت النبي صلى الله عليه وسلم و في عنقي صليب من ذهب فقال : ( يا عدي اطرح هذا الوثن من عنقك ) فطرحته فانتهيت اليه و هو يقرأ سورة براءة فقرأ هذه الآية { اتخذوا أحبارهم و رهبانهم أربابا من دون الله } حتى فرغ منها فقلت انا لسنا نعبدهم فقال : ( أليس يحرمون ما أحل الله فتحرمونه و يحلون ما حرم الله فتستحلونه ؟ ) قلت بلى قال : ( فتلك عبادتهم (المعجم الكبير ( 17/92) تخريج الحديث: قال شيخ الإسلام حديث حسن
 دين الله المُنزّل على عيسى عليه السلام
عيسى عليه السلام هو آخر أنبياء بني إسرائيل وهو المسيح الذي بشرت به أنبياؤهم من قبل وطبقا لدينهم المُبدَّل ومرجعيتهم التلمود فقد كانوا يتصورونه المسيح العسكري الذي سيخلصهم من الحكم الروماني ويعيد لهم أمجادهم وإمبراطوريتهم السابقة الحاكمة للعالم أيام داود وسليمان عليهما السلام ولكن االمسيح عيسى بن مريم عليه السلام طالبهم أولا بالرجوع إلي دينهم المُنزَّل من عند الله وإبطال أي مرجعية أخرى غير التوراة المُنزَّلة على نبيهم موسى عليه السلام واتباع ما أنزل عليه من الأنجيل المكمل للتوراة وتصحيح عقيدتهم وتزكية نفوسهم من خلالهما ...، ولكن قومه بني إسرائيل رفضوه وكذبوه لمخالفته أهواءهم وما اعتقدوه ونشأوا عليه من الدين المُبدَّل بل حاربوه هو وأنصاره من الحواريين وخططوا لقتله بالإتفاق مع أعدائهم الرومان {( وَآتَيْنَا عِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ الْبَيِّنَاتِ وَأَيَّدْنَاهُ بِرُوحِ الْقُدُسِ ۗ أَفَكُلَّمَا جَاءَكُمْ رَسُولٌ بِمَا لَا تَهْوَىٰ أَنفُسُكُمُ اسْتَكْبَرْتُمْ فَفَرِيقًا كَذَّبْتُمْ وَفَرِيقًا تَقْتُلُونَ ) البقرة :87 } ولكن الله سبحانه وتعالى نجاه من مكرهم ورفعه إليه فاستمروا في محاربة أنصاره الحواريين ، فلجأوا إلى الخديعة والإحتيال فتظاهر أحد أعمدتهم في هذه المحاربة بأنه قد تاب إلى الله وادعى أن المسيح قد جاءه في الرؤى وأنه أصبح من أنصار المسيح فالتف حوله الكثير من اليهود الذين آمنوا برسالة المسيح عليه السلام وأصبح هذا المدّعي رمزا من رموزهم يسمى بولس الرسول ومرجعا من مراجعهم ( انجيل بولس) ومن ثم فقد انفتح الباب على مصراعيه مرة أخرى لتبديل الدين الذي أنزل على عيسى عليه السلام وكانت البداية هي الخروج بالدعوة إلي غير بني إسرائيل لأنها في حقيقتها مكملة للعهد القديم وهو التوراة مخالفة بذلك أمر رسولهم المسيح إنما بعثت لخراف بني إسرائيل ، وكان هذا مكر من بولس والملأ من بني إسرائيل لإبعاد رسالة المسيح عليه السلام عن شعبهم اليهود والتي سميت بعد ذلك بالمسيحية...وكان من ثمار هذا المكر دخول إمبراطور الرومان قسطنطين في الديانة المسيحية ، وللأسف لم يدخلها ويترك على أعتابها كل ماضيه الوثني بل دخلها وأدخل معه الكثير من التصورات والمفاهيم الوثنية الرومانية والقيم والتشريع المنبثق منها فتبدل دين الله المُنزَّل على المسيح واستبدل بدين مشوه ضاعت فيه حقيقة التوحيد مع عقيدة التثليث وامتلأ الفراغ التشريعي فيما يسمى بالدين المسيحي بتشريعات الرومان وقيمهم وأهوائهم ، ولا يعني هذا أن اندثرت عقيدة التوحيد مع خضم هذه الأحداث بل ظل الحواريون وأتباعهم القليلون المخلصون والذين فروا في شتى البقاع مطاردين وملاحقين وسموا بالموحدين ( الأريسيين) وحدثت بينهم وبين أتباع الدين المسيحي وطوائفه المختلفة ممن جاءوا بعد قسطنطين وكنيسته وكهانه حروب كثيرة في شتى أنحاء أوروبا يعرفونها جيدا في التاريخ بحروب الموحدين وخصوصا في ألمانيا وأسبانيا حتى ظهور الإسلام الدين المُنزَّل الأخير في جزيرة العرب.


يتبع..
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
Taheer




المساهمات : 24
السٌّمعَة : 0
تاريخ التسجيل : 18/02/2020

الدين المُنزّل والدين المُبدّل وحقيقة الصراع بينهما Empty
مُساهمةموضوع: رد: الدين المُنزّل والدين المُبدّل وحقيقة الصراع بينهما   الدين المُنزّل والدين المُبدّل وحقيقة الصراع بينهما I_icon_minitimeالأربعاء فبراير 19, 2020 12:04 pm

 الدين الأخير المُنزَّل من عند الله على خاتم الأنبياء محمد صلى الله عليه وسلم
نزل الروح الأمين جبريل عليه السلام بالقرآن الكريم كتاب الله وهداه الأخير إلى البشريه جمعاء ، نزل منجما أي متفرقا على رسول الله صلى الله عليه وسلم في الأحوال والظروف والأحداث التي مرت به وبالعصبة المؤمنة معه سواءا في مكه ( القرآن المكي) أو في المدينة ( القرآن المدني) فكانت الآيات التي نزلت تنقلهم جميعا - في هذا الخضم كله – وترتقي بهم في مدارج الإيمان والتربية قال تعالى {( لَقَدْ مَنَّ اللَّهُ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ إِذْ بَعَثَ فِيهِمْ رَسُولًا مِنْ أَنْفُسِهِمْ يَتْلُو عَلَيْهِمْ آيَاتِهِ وَيُزَكِّيهِمْ وَيُعَلِّمُهُمُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَإِنْ كَانُوا مِنْ قَبْلُ لَفِي ضَلَالٍ مُبِينٍ ) آل عمران: 164} التزكية والتربية من خلال الأحداث والمواقف والمواجهات بكل صورها وألوانها ، فكانت الآيات المنزلة تثبيتا لقلوبهم وتبصيرا لعقولهم وهداية لهم في الطريق . وقد كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يتلقى القرآن ويتدارسه مع جبريل عليه السلام ثم يقوم بإبلاغه وبيانه للصحابة الكرام {( وَأَنزَلْنَا إِلَيْكَ الذِّكْرَ لِتُبَيِّنَ لِلنَّاسِ مَا نُزِّلَ إِلَيْهِمْ وَلَعَلَّهُمْ يَتَفَكَّرُون)النحل : 44} ثم يقوم الصحابة بإبلاغ الحاضر منهم الغائب وكذلك زوجاتهم وأولادهم ، ولم يكن الوحي يقتصر على القرآن الكريم فقط بل كانت أقوال رسول الله صلى الله عليه وسلم وأفعاله منضبطة بالوحي أيضا {( وَمَا يَنطِقُ عَنِ الْهَوَىٰ ، إِنْ هُوَ إِلَّا وَحْيٌ يُوحَىٰ ) النجم : 4،3 } وهي ما تسمى بالسنة القوليه والفعلية وهي في الحقيقة ترجمة وبيان تفصيلي عملي للقرآن الكريم ، فقد سئلت عائشة رضي الله عنها عن خلق رسول الله صلى الله عليه وسلم فقالت كان خلقه القرآن ....وكان الصحابة الكرام رضوان الله عليهم أجمعين هم حظ نبينا الكريم صلى الله عليه وسلم من الرجال فقد اصطفاهم الله لصحبة نبيه العدنان ولحفظ دينه القويم ، فقد منّ الله عليهم بإمكانات ضخمة من الهمة العالية والتلقي الدقيق والحفظ المنضبط والفهم الجيد ونور البصيرة والإلتزام الأمين فقد كانوا يتلقون كل ما يصدر عن رسول الله صلى الله عليه وسلم بحرص شديد ويتدارسونه استجابة للتوجيه القرآني {( أَمْ لَكُمْ كِتَابٌ فِيهِ تَدْرُسُونَ ) القلم : 37 } وإذا خفي عليهم أمر او استشكل سألوا رسول الله صلى الله عليه وسلم عنه كما ورد كثيرا في القرآن يسألونك عن كذا وكذا ثم يتداولونه بينهم ، وكانوا يقسمون بينهم الأوقات لصحبة نبيه علية الصلاة والسلام ثم يخبر الحاضر منهم الغائب ماذا رأى وماذا سمع من الرسول الكريم ، ومن ثم كان موت الرسول صلى الله عليه وسلم يمثل صدمة ضخمة للصحابة الكرام فهو يعني إنقطاع الوحي ولكن التراث الضخم والعظيم الذي تركه رسول الله صلى الله علية وسلم من الأقوال والفعال وبيان القرآن الكريم في مختلف الظروف والأحوال والاحداث الخاصة والعامة والصغيرة والكبيرة فما من خير إلا وقد أمر به وما من شر إلا وقد نهى عنه حتى المستقبل من الأحداث العظام قد نبأنا به لنكون على بينة وحذر فقد تركنا على المحجة البيضاء ليلها كنهارها لا يزيغ عنها إلا هالك ، فقد كان هذا التراث المجيد رحمة ولطفا من الله في هذا المصاب الجلل ليس في عصر الصحابة الكرام الذين ظلوا يعيشون مع رسوله الكريم صلى الله عليه وسلم كأنه لم يرحل عنهم بعد ولكن الرحمة واللطف امتد إلى الأجيال من بعدهم ... وكانت هذه المنظومة كلها بتقدير من الله لحفظ دينه وهداه كما وعد في كتابه الكريم {( إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ) الحجر: 9 } فهو الدين الأخير وهديه للبشرية جمعاء وحجته عليهم إلى يوم القيامة .....
 عصر الصحابة الكرام
ظل الصحابة الكرام يهتدون بكتاب الله وبيان رسول الله صلى الله عليه وسلم له وظلت سنته المطهرة مرجعا لهم في حياتهم فقد كانوا يتنافسون فيما بينهم في اقتفاء أثره في كل شيء حتى في الطريق التي كان يمشي فيها ...أما في الأحداث والأقضية التي جدت في عصرهم ولم يكن لديهم نص مباشر من كتاب الله وسنة رسوله ( حيث لا اجتهاد مع النص) فقد اجتهدوا فيها على ضوء الكتاب والسنة واجتمعوا على الرأي فيها وسمي ذلك إجماع الصحابة وأصبح مصدرا من مصادر التشريع ، فما أجمع عليه الصحابه الكرام من رأي واجتهاد ومن فهم للكتاب والسنة أصبح ملزما للأمة بنص الأحاديث الصحيحة منها ...قال رسول صلى الله عليه وسلم [افترقت اليهود على إحدى وسبعين فرقة, كلها في النار إلا واحدة, وافترقت النصارى على اثنين وسبعين فرقة كلها في النار إلا واحدة, وستفترق هذه الأمة على ثلاث وسبعين فرقة كلها في النار إلا واحدة.وفي لفظ : على ثلاث وسبعين ملة. وفي رواية : قالوا : يا رسول الله, من الفرقة الناجية؟ قال : من كان على مثل ما أنا عليه اليوم, وأصحابي. ] حديث صحيح مشهور رواه أصحاب السنن والمسانيد كأبي داود والنسائي والترمذي وغيرهم ..، أما رأي الصحابي وفهمه للكتاب والسنه والذي ليس عليه إجماع فليس مصدرا من مصادر التشريع وليس بملزم للأمه وإن كان يفضل على غيره من الآراء لما كان له من فضل الصحبة ... وبهذا ازداد التراث ثراءا بما أجمع عليه الصحابة الكرام من اجتهادات وخصوصا مع الأحداث الضخام التي مروا بها .. أحداث الردة الكبرى مع بداية خلافة الصديق رضىي الله عنه والقضاء عليها ، وجمع القرآن وبداية الفتوحات ثم الفتوحات العمرية الكبرى وإنشاء الدواوين لتنظيم الشئون الإدارية للخلافة ثم فتنة الخروج على الخليفة الثالث عثمان رضي الله عنه ومقتله وفتنة إختلاف الصحابة واقتتالهم بعد مقتل عثمان ، ثم خروج الخوارج ( بداية ظهور فرق الإنحراف الفكري والبدعي) وقتلهم الخليفة الرابع علي رضي الله عنه ثم الصلح وتولية معاوية رضي الله عنه ثم فتنة توريث الحكم وافتراق الخلافة عن منهاج النبوة ، فكل هذه الأحداث تطلبت اجتهادات كثيرة أجمع الصحابة على معظمها وأصبحت تراثا ثريا ومرجعا من مراجع التشريع لهذه الأمة .
 عصر التابعين والقرون المفضلة 
اتسعت رقعة الخلافة وتعددت الأعراق والأجناس والألسنة وازدادت الحاجة إلى تنظيم العلوم وتصنيفها وخصوصا مع بزوغ نجم كثير من علماء التابعين في نفس الوقت الذي بدأت تظهر فيه فرق الإنحراف الفكري( أصحاب البدع ) والذي بدأه الخوارج مبكرا في عصر الصحابة والخليفة الرابع علي بن أبي طالب رضي الله عنه ثم بدأ الإنحراف الخارجي يتأصل فكريا ويمثل خط الإفراط في الفكر الإسلامي وانقسم هذا التيار إلي عدة فرق أشهرهم الأزارقة والبهيسية ثم تبعهم ظهور مذهب التشيع أثناء فتنة الحسين بن علي رضي الله عنه ومقتله ، والذي تولى كبر هذا الإنحراف وتستر وراءه اليهودي عبد الله بن سبأ والذي ظهر في بداية الأمر كأنه إنحراف بسيط في العاطفة والتشيع لآل البيت بيت الرسول صلى الله عليه وسلم كرد فعل لفتنه الحسين بن علي و ابن فاطمة بنت الرسول الكريم صلى الله عليه وسلم ورضي الله عنهما ، ثم بدأ يأخذ أبعادا سياسية ثم انحرافات عقدية ومنهجية من خلال الأيدي التي تحرك الأمور من وراء الستار والتي تمخضت في نهاية المطاف إلى عقيدة الأثنى عشرية والتي كشفت الأصول اليهودية والمجوسية لهذا الإنحراف الخطير الذي تزين بزي هذا الدين وتستر وراءه طوال عصور وتاريخ هذه الأمة وكان يمثل خنجرا مسموما في ظهرها في كل الأحداث التي مرت بها والتي أضحت ظاهرة للعيان في وقتنا المعاصر لكل ذي بصيرة إلا من ختم الله وطمس على قلبه ، فعقيدة الأثنى عشرية أصبحت في وقتنا المعاصر هي التي تمثل الإتجاه والمذهب الشيعي والتي تعتبر في حقيقتها دينا مختلفا إختلافا كاملا عن الدين الإسلامي في عقيدته ومنهجه ومرجعيته ( الكتاب والسنه فهم لا يعترفون بالقرآن ولا بالسنة المتداوله بين المسلمين) وكذلك في المخطط الذي يتبنونه( الهلال الشيعي ) ليسيطروا على العالم الإسلامي بمساعدة اليهود والصليبيين.....ثم توالت ظهور الفرق المختلفه من القدرية والمعطلة والمعتزلة والجهمية والأشاعرة وأهل الكلام نتيجة انفتاح العالم الإسلامي بمختلف مستوياته العقديه والإيمانية على ثقافات الأمم السابقة في غفلة من القادة وأولي الأمر وكان أخطرهم على الإطلاق الفكر والإتجاه الإرجائي بظهور ما يسمى بعلماء المرجئة حيث فتحوا - بغطاء شرعي - بابا على الأمة دخل منه الفساد والرزيلة والإنحلال والوهن مما جعلها فريسة سهلة لأعدائها فسيطروا عليها وأكملوا فتح الباب على مصراعيه لدخول الكفر والشرك والإلحاد وحسبنا الله ونعم الوكيل...وسوف نتناول هذا الإتجاه بشيء من التفصيل فيما بعد ...فإزاء هذه الأحداث والمتغيرات كان لزاما على العلماء ، علماء عصر التابعين والقرون المفضلة ...عن عمران بن حصين رضي الله عنهما يقول [قال رسول الله صلى الله عليه وسلم خير أمتي قرني ثم الذين يلونهم ثم الذين يلونهم قال عمران فلا أدري أذكر بعد قرنه قرنين أو ثلاثا ثم إن بعدكم قوما يشهدون ولا يستشهدون ويخونون ولا يؤتمنون وينذرون ولا يفون ويظهر فيهم السمن ] صحيح البخاري ومسلم..،كان عليهم المحافظة علي ميزان الأمة ( القرآن والسنة وما أجمع علية الصحابة ) وثوابتها التي تزن بها وتقوم بها كل هذه المتغيرات التي وفدت عليها فما اتفق مع هذه الثوابت أصبح معتبرا ومقبولا وما اختلف معها رفضته وحاربته وحذرت منه وإلا تأرجح هذا الميزان وضاعت الثوابت وتبدل دين الله المنزل كما تبدلت الأديان السابقة من قبل ...فمن أجل تحقيق هذا الهدف العظيم بدأ العلماء الكرام في عصر التابعين في تصنيف العلوم وجمعها مثل علوم القرآن ومنها علم التفسير فأخذوا يجمعون كل ما ورد عن رسول الله صلى الله عليه وسلم عن الصحابة الكرام الذين سمعوا منه الفهم لمعاني الآيات الكريمة والتي أصبحت معالم في فهم وتفسير القرأن يجنب المسلمين متاهات العقول الضالة والمضلة المغرضة وكذلك علم القراءات الذي كان له الفضل في المحافظة على قراءة القرآن كما تلقاها الرسول الكريم صلى الله عليه وسلم من جبريل عليه السلام وعلوم الناسخ والمنسوخ والمجمل والمفصل وغيرها...وأما علوم الحديث والسنة والسيرة النبوية ، فقد برع علماء المسلمين في هذا الفن وسبقوا عصورهم بمئات السنين وشهد لهم بذلك علماء الحضارة الغربية ( الفضل ما شهدت به الأعداء) ويشمل علم أقسام الحديث ، ومتن الحديث واسناد الحديث وعلم الجرح والتعديل وغيرها......فكل هذه الدقة المتناهية لأن الأمر أمر دين وتحديد مراد الله منا في كل أمر ونهي ورد في أقوال الرسول صلى الله عليه وسلم وأفعاله وبيانه للقرآن الكريم فهو الصلة بيننا وبين السماء عن طريق الوحي فأصبح ملزما لنا كمسلمين ولا أجتهادا لنا مع هذه النصوص جميعها ...ومع اتساع رقعة الخلافة وكثرة الأعداء المتربصين بالأمة وظهور الفرق المنحرفة وأصحاب البدع وعلى رأسهم الشيعة ظهرت الأحاديث الموضوعة والمكذوبة على رسول الله صلى الله عليه وسلم .. فكان لا بد من هذا الجهد الكبير لتنقية هذا التراث العظيم من هذا الخبث والركام ( كتب الأحاديث الموضوعة ) وعلوم أصول الفقه حيث عنيت بوضع آلية الإجتهاد وضوابطه فحددت مصادر التشريع .....ووضعت القواعد الشرعية .... وطرق استنباط الأحكام وهو من أروع العلوم التي أنتجتها العقول الإسلامية ...حيث أغلقت الأبواب تماما على العابثين والمتربصين بهذا الدين والمغرضين الذين يتحينون الفرص من أجل تغييره وتبديله...، وعلوم اللغة العربية ..فاللغة العربية هي لغة هذا الدين وهي المعبرإلى مراد الله من نصوص الكتاب والسنة ،ومع تعدد الألسنة لاتساع الخلافة وكثرة الأجناس داخلها أصبح ذلك يمثل خطرا عليها فكان لا بد من هذه العلوم للمحافظة عليها من أجل المحافظة على هذا الدين وأصوله وتشمل علوم النحو والصرف وعلوم معاني المفردات ( لسان العرب والقواميس) وعلوم الخط وغيرها الكثير وعلوم الفقه التي زاع شهرتها وعلماؤها وهي تعنى بالأحكام والإجتهادات الشرعية باقسامها المختلفة في شتى مجالات الحياة من شعائر ونسك وسياسة واقتصاد وعلاقات دولية والحياة الزوجية والإجتماعية وغيرها وغيرها الكثير ، والإجتهادات الشرعية طبقا لأصول الفقة قابلة للنمو والتغيير والتبديل وتعدد الأراء و ذلك لتغير الزمان والمكان وتجدد الأحداث واختلاف العقول ولكن هذا التنوع والتباين والتغيير محمود ما دام ملتزما بقواعد وضوابط أصول الفقه ، وهناك علوم ومصنفات أخرى ولكن نكتفي بما ذكر ، فهي تلقي الضوء علي أهميتها في تحقيق الهدف وهو حفظ هذا الدين .


يتبع..
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
Taheer




المساهمات : 24
السٌّمعَة : 0
تاريخ التسجيل : 18/02/2020

الدين المُنزّل والدين المُبدّل وحقيقة الصراع بينهما Empty
مُساهمةموضوع: رد: الدين المُنزّل والدين المُبدّل وحقيقة الصراع بينهما   الدين المُنزّل والدين المُبدّل وحقيقة الصراع بينهما I_icon_minitimeالأربعاء فبراير 19, 2020 12:05 pm

أهل السنة والجماعة والفرقة الناجية
وبعد هذا الجهد الوفير الذي بذله علماء القرون المفضلة في تأصيل وحفظ ثوابت هذه الأمة وما أجمعوا عليه من اجتهادات وآليات لمواجهة مستجدات الأمور وما واجهوه  من ظهور البدع والمحدثات وفرق الضلالة التي تنبأ بها الرسول الكريم صلى الله عليه وسلم  في الكثير من الأحاديث على رأسها حديث وستفترق أمتي على ثلاث وسبعين فرقة السابق ذكره...أصبح هؤلاء العلماء الأفاضل كأنما يشكلون جبهة واحدة وخط أصيل وتيار متميز في الأمة بلإلتزام بهذه الثوابت الكتاب والسنة وبيان الرسول صلى الله عليه وسلم لهما وفهم الصحابة الذين تلقوا هذا البيان عن الرسول الكريم وما أجمع عليه الصحابة الكرام من اجتهادات وأراء بعد وفاته عليه السلام ...وأصبحت هذه صفتهم .. التمسك بالسنة فسموا أهل السنة ، ولأنهم اجتمعوا جميعا على هذا الأمر في الأجيال المتعاقبة فأصبح اسمهم أهل السنة والجماعة لتميزهم بلإلتزام بتلك الثوابت في مواجهة أصحاب البدع والمحدثات والفرق الضالة التي ظهرت في هذه الأمة والتي تميزت هي أيضا بعدم التقيد بالسنة وأقوال الصحابة والإنفراد بفهم القرآن والحديث ، فضلت وأضلت وانحرفت في الطريق .....واتفق العلماء على أن أهل السنة والجماعة هم الفرقة الناجية بنص الحديث السابق ..(ما أنا عليه اليوم وأصحابي ) ، هذا اليوم الذي أكتمل فيه هذا الدين{( الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الْإِسْلَامَ دِينًا ) المائدة : 3 } اكتمل عقيدة و تصورا ومفهوما... اكتمل أحكاما وشريعا وأخلاقا وقيما وووو... هذا الحديث رواه ابن ماجه عن العرباض بن سارية قال: وعظنا رسول الله صلى الله عليه وسلم موعظة ذرفت منها العيون ووجلت منها القلوب، فقلنا يا رسول الله إن هذه لموعظة مودع فماذا تعهد إلينا؟ قال:  " قد تركتكم على البيضاء ليلها كنهارها لا يزيغ عنها بعدي إلا هالك، من يعش منكم فسيرى اختلافا كثيرا، فعليكم بما عرفتم من سنتي وسنة الخلفاء الراشدين المهديين عضوا عليها بالنواجذ، وعليكم بالطاعة وإن عبدا حبشيا، فإنما المؤمن كالجمل الأنف حيثما قيد انقاد."  ..رواه ابن ماجة وقال الشيخ  الألباني : صحيح  ...، . وعن عثمان الأزدي  قال : دخلت على ابن عباس رضي الله عنهما ، فقلت له : أوصني فقال : عليك بتقوى الله والإستقامة ، اتبع ولا تبدع ...وقال الأوزاعي :اصبر نفسك على السنة وقف حيث وقف القوم وقل بما قالوا وكف عما كفوا واسلك سبيل سلفك الصالح فإنه يسعك ما وسعهم ...وعن أبو رجاء ، قال حدثنا شهاب بن خراش ، قال كتب عمر بن عبد العزيز إلى رجل " سلام عليك أما بعد فإني أوصيك بتقوى الله والإقتصاد في أمره واتباع سنة رسوله صلى الله عليه وسلم وترك ما أحدث المحدثون بعده مما جرت سنته وكفوا مئونته ثم اعلم أنه لم تكن بدعة قط إلا وقد مضى قبلها ما هو دليل عليها وعبرة فيها ، فعليك بلزوم السنة ، فإنها بإذن الله لك عصمة ، فإن السنة إنما سنها من قد علم ما في خلافها من الخطأ والزلل والحمق والتعمق ، فارض لنفسك بما رضوا به لأنفسهم ، فإنهم عن علم وقفوا وببصر نافذ كفوا ، ولهم كانوا على كشف الأمور أقوى وبفضل ما فيه-لوكان-أحرى ، فإنهم السابقون ، ولئن كان الهدى ما أنتم عليه لقد سبقتموهم إليه ، ولئن قلت حدث بعدهم حدث فما أحدثه إلا من خالف سبيلهم ورغب بنفسه عنهم ، ولقد تكلموا منه بما يكفي ، ووصفوا منه ما يشفي ، فما دونهم مقصر ، ولا فوقهم محسن ، لقد قصر عنهم أقوام فجفوا ، وطمح عنهم آخرون فغلوا ، وإنهم بين ذلك لعلى هدىً مستقيم "البداية والنهاية،الجزء التاسع ،فصل خلافة عمر ابن عبد العزيز...ويقول الإمام ابن كثير رحمه الله في صفة أهل السنة والجماعة :"وأما أهل السنة والجماعة فيقولون في كل فعل وقول لم يثبت عن الصحابة –رضي الله عنهم- هو بدعة لأنه لو كان خيرا لسبقونا إليه ،لأنهم لم يتركوا خصلة من خصال الخير إلا وقد بادروا إليها"تفسير ابن كثير في قوله تعالى{( وَقَالَ الَّذِينَ كَفَرُوا لِلَّذِينَ آمَنُوا لَوْ كَانَ خَيْرًا مَّا سَبَقُونَا إِلَيْهِ ۚ ...)الأحقاف:11}...  وبذلك يتضح أن مصطلح أهل السنة والجماعة لا يخص جماعة من الجماعات  سميت بذلك بل هو يمثل حقيقة الفرقة التي التزمت وتمسكت بالإسلام المُنزَّل من عند الله كما كان أيام رسول الله صلى الله عليه وسلم وأيام صحابته الكرام الذين مات رسول الله وهو عنهم راضي وزكاهم الله في كتابه وهو نفسه مفهوم الإسلام الحقيقي الذي أجتمع علية علماء القرون الثلاثة المفضلة فدخلوا في مسمى أهل السنة والجماعة لتمييزهم عن الفرق المبتدعة والضالة والمنحرفة التي ادعت أنها تمثل الإسلام كذلك ..      


 الطائفة المنصورة ...حرّاس الفرقة الناجية
عن معاوية، رضي الله عنه، قال: سَمِعْتُ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ: "لَا يَزَالُ مِنْ أُمَّتِي أُمَّةٌ قَائِمَةٌ بِأَمْرِ اللَّهِ لَا يَضُرُّهُمْ مَنْ خَذَلَهُمْ وَلَا مَنْ خَالَفَهُمْ حَتَّى يَأْتِيَهُمْ أَمْرُ اللَّهِ وَهُمْ عَلَى ذَلِكَ". قَالَ عُمَيْرٌ: فَقَالَ مَالِكُ بْنُ يُخَامِرَ: قَالَ مُعَاذٌ: وَهُمْ بِالشَّأْمِ. فَقَالَ مُعَاوِيَةُ: هَذَا مَالِكٌ يَزْعُمُ أَنَّهُ سَمِعَ مُعَاذًا يَقُولُ: وَهُمْ بِالشَّأْمِ. البخاري (3641) ومسلم (1037 )..، وأخرج مسلم (1920) من حديث ثوبان، رضي الله عنه، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: "لَا تَزَالُ طَائِفَةٌ مِنْ أُمَّتِي ظَاهِرِينَ عَلَى الْحَقِّ لَا يَضُرُّهُمْ مَنْ خَذَلَهُمْ حَتَّى يَأْتِيَ أَمْرُ اللَّهِ وَهُمْ كَذَلِكَ". ، وعن جابر بن عبد الله، رضي الله عنهما، قال: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ: "لَا تَزَالُ طَائِفَةٌ مِنْ أُمَّتِي يُقَاتِلُونَ عَلَى الْحَقِّ ظَاهِرِينَ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ". أخرجه مسلم (1923 ) وأخرج مسلم (1922) أيضا من حديث جابر بن سمرة، رضي الله عنه، عَنْ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم أَنَّهُ قَالَ: "لَنْ يَبْرَحَ هَذَا الدِّينُ قَائِمًا يُقَاتِلُ عَلَيْهِ عِصَابَةٌ مِنْ الْمُسْلِمِينَ حَتَّى تَقُومَ السَّاعَةُ". ...من هذه الأحاديث المتواترة في البخاري ومسلم بما يزيد عن مائة حديث ( وهذا التواتر بهذا الكم مقصود وله معنى كبير) يتضح أن الطائفة هي أمة من الناس وهي مرادفة لغويا لكلمة عصابة (ولفظ أمة تطلق على الفرد والمجموع ) والطائفة أقل عددا من الفرقة والفرقة أقل عددا من الأمة ،وخصائص هذه الطائفة أنها على الحق الذي عليه الرسول صلى الله عليه وسلم وأصحابه أي أنها من أهل السنة والجماعة ..أي الفرقة الناجية .. ولكنها تتميز عن هذا العموم- عموم الفرقة الناجية- بالظهور بهذا الحق أو بنص الأحاديث على الحق ظاهرين لا لبس ولا غموض ولا خفاء أيا كانت الظروف التي تواجههم ، والفعل المتكرر في معظم الأحاديث ( لا تزال ) يفيد الإستمرار والدوام وهذا يعني أنه وعد وكتاب من الله من أجل حفظ هذا الدين ولا سبيل للقضاء عليهم ، وهذه الطائفة تنطبق على العلماء الذين جهروا وصدعوا بهذا الحق في مواجهة الحكام وأصحاب البدعة والعقائد المنحرفة وتحملوا في سبيل ذلك من الأذي والتشريد والنفي والأسر والقتل الكثير وثبتوا على طريق أهل السنة والجماعة ....وطائفة جاهدوا بأموالهم وأنفسهم من أجل الثبات على هذا الحق والدعوة إليه في مواجهة الأعداء سواءا كان عدوا صائل ( كالصليبيين والتتار والمرتديين من أصحاب العقائد المنحرفة ) أو غزوا وجهادوا في سبيل الله وفي سبيل نشر هذا الدين وإعلاء رايته وحكمه ...وصفة الجهاد التي وردت في غالبية الأحاديث تدل على أن الحق الذي عليه أهل السنة والجماعة يحتاج إلي الجهاد والقوة من أجل المحافظة والثبات علية في مواجهة الحكام الجائرين والطواغيت المبدلين لدين الله والمنحرفين والمرتدين ، عن أبي عبد الله طارق بن شهاب البجلي الأحمسي : أن رجلا سأل النبي صلى الله عليه وسلم ـ وقد وضع رجله في الغرز ـ أي الجهاد أفضل قال : كلمة حق عند سلطان جائر ،( رواه النسائي ، قال المنذري في الترغيب : إسناده صحيح )، وكذلك في مواجهة الأعداء الصائلين الذين يريدون تبديل دين الله ليسهل القضاء عليه ، ففي مواجهة هؤلاء جميعا كان لابد من الأمرين معا كتاب يهدي وسيف ينصر أي العلماء والمجاهدين ...وهناك طائفة جمعت بين الصنفين العلم والجهاد ككثير من علماء التابعين وبن تيمية رحمه الله أثناء حملات التتارعلى الأمة والشيخ المعز بن عبد السلام والشيخ محمد بن عبد الوهاب في وقتنا المعاصر ...وذلك هو الفوز العظيم ... 


يتبع..
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
Taheer




المساهمات : 24
السٌّمعَة : 0
تاريخ التسجيل : 18/02/2020

الدين المُنزّل والدين المُبدّل وحقيقة الصراع بينهما Empty
مُساهمةموضوع: رد: الدين المُنزّل والدين المُبدّل وحقيقة الصراع بينهما   الدين المُنزّل والدين المُبدّل وحقيقة الصراع بينهما I_icon_minitimeالأربعاء فبراير 19, 2020 12:06 pm

الأئمة المجددون
عن أبي هريرة رضي الله عنه عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أنه قال : [ إِنَّ اللَّهَ يَبْعَثُ لِهَذِهِ الْأُمَّةِ عَلَى رَأْسِ كُلِّ مِائَةِ سَنَةٍ مَنْ يُجَدِّدُ لَهَا دِينَهَا ] رواه أبو داود (رقم/4291) وصححه السخاوي في "المقاصد الحسنة" (149)، والألباني في "السلسلة الصحيحة" (رقم/599) ونص الحديث دقيق في تحديد الهدف وهو تجديد هذا الدين المُنزّل الذي تكفل الله بحفظه وذلك بالرجوع إلى الكتاب والسنة بفهم الصحابة الكرام كما تلقوه عن الرسول الأمين وإلى ما أجمعوا عليه من اجتهادات وأراء وما أجمع عليه علماء أهل السنة والجماعة خصوصا في عصر التابعين عصر القرون المفضلة ، فجل ما قام به هؤلاء العلماء المجددون هو نفض غبار النسيان والغفلة عن هذا الأثر (التراث) العظيم بسبب الإنشغال بحب الحياة الدنيا والركون إليها وتزيين جنود الشيطان لها {( قَالَ رَبِّ بِمَا أَغْوَيْتَنِي لَأُزَيِّنَنَّ لَهُمْ فِي الْأَرْضِ وَلَأُغْوِيَنَّهُمْ أَجْمَعِين( الحجر : 39 } وكذلك بسبب نقض أول عروة لهذا الدين وهو الحكم [ عن أبي أمامة الباهلي رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال : لتنقضن عرى الإسلام عروة عروة، فكلما انتقضت عروة تشبث الناس بالتي تليها، وأولهن نقضاً الحكم وآخرهن الصلاة .. أخرجه الإمام أحمد في مسنده والطبراني في المعجم الكبير وابن حبان في صحيحه بإسناد جيد ] وانفصال هذا الحكم عن منهاج الخلافة الراشدة ورجوعة إلى مبدأ التوريث في الجاهلية وانتشار البدع الضالة والإنحرافات العقدية واستسلام وخضوع كثير من العلماء لهذا كله مما أدى إلي خمود روح الجهاد في الأمة وطمع الأعداء فيها فكان دور هؤلاء الدعاة والأئمة المجددين هو بعث روح الأمة من جديد بالرجوع إلى دينها وتراثها الأصيل من خلال الدعوة والصدع بهذا الحق والإلتزام بطريق أهل السنة والجماعة وهي الفرقة الناجية كما ورد في حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم ولهذا سمي كل منهم ( الأئمة المجددون) إمام أهل السنة والجماعة في زمانه وعصره أمثال الإمام أحمد بن حنبل في سنة 164-241 هـ / 780-855م ، ...والإمام بن تيمية 661-728هـ/ 1263-1328م ..... 
 الأئمة المُضلّون
قال تعالى {( وَكَذَٰلِكَ جَعَلْنَا لِكُلِّ نَبِيٍّ عَدُوًّا شَيَاطِينَ الْإِنسِ وَالْجِنِّ يُوحِي بَعْضُهُمْ إِلَىٰ بَعْضٍ زُخْرُفَ الْقَوْلِ غُرُورًا ۚ وَلَوْ شَاءَ رَبُّكَ مَا فَعَلُوهُ ۖ فَذَرْهُمْ وَمَا يَفْتَرُونَ )الأنعام : 112} ، وقال تعالى {( وَكَذَٰلِكَ جَعَلْنَا لِكُلِّ نَبِيٍّ عَدُوًّا مِّنَ الْمُجْرِمِينَ ۗ وَكَفَىٰ بِرَبِّكَ هَادِيًا وَنَصِيرًا ) الفرقان : 31 }... وعَنْ حَمَّادِ بْنِ زَيْدٍ ، عَنْ عَاصِمِ بْنِ بَهْدَلَةَ ، عَنْ أَبِي وَائِلٍ ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ ، قَالَ : خَطَّ لَنَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ خَطًّا ، ثُمَّ قَالَ : " هَذَا سَبِيلُ اللَّهِ " ، ثُمَّ خَطَّ خُطُوطًا عَنْ يَمِينِهِ وَشِمَالِهِ ، وَقَالَ : " هَذِهِ سُبُلٌ عَلَى كُلِّ سَبِيلٍ مِنْهَا شَيْطَانٌ يَدْعُو إِلَيْهِ " وَقَرَأَ : " وَأَنَّ هَذَا صِرَاطِي مُسْتَقِيمًا فَاتَّبِعُوهُ " سورة الأنعام آية 153 ، صحيح بن حبان ، مسند الإمام أحمد....وبذلك تتم سنة الإبتلاء ، داعي الخير وداعي الشر ، وعلى جانبي الطريق أئمة مجددون يجددون الدين المُنزّل ..، وأئمة مضلون يبدلون هذا الدين ليضلوا الناس عن سبيل الله... ، عن ثوبان رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال ( إِنَّمَا أَخَافُ عَلَى أُمَّتِي الْأَئِمَّةَ الْمُضِلِّينَ ) رواه أبو داود (4252) ، والترمذي (2229) وصححه الألباني رحمه الله في " صحيح سنن أبي داود " . فخطورتهم تأتي من كونهم أئمة في هذه الأمة سواءا ارتقوا هذه المكانه بجهدهم ثم ضلوا فأضلوا كما هو الغالب في القرون السابقة (فبضلال الأئمة يضل الخلق الكثير) أو تم صناعتهم وتسليط الأضواء عليهم ليكونوا رموزا للأمة تتلقى منهم وتسير وراءهم كما هو دأب الغزو الغربي الحديث في صناعة الرموز وصناعة القادة الذين من خلالهم يتم تحقيق أهدافهم وبسط نفوذهم على البلاد والعباد ....والأئمة المضلون في العصور السابقة كانت غالبيتهم من علماء السلاطين والخلفاء الذين يضفون عليهم الشرعية في الفساد والطغيان والجور أو علماء وقادة الفرق والطوائف الضالة والمبتدعة والمرتدة ، أما في العصور المتأخرة وتحت مظلة الغزو الغربي فهم علماء السلطة والمؤسسات الرسمية الذين فرضهم الحكام والطواغيت وكلاء الغرب في السيطرة على المنطقة وكذلك قادة وعلماء التيارات والجماعات الإسلامية التي نشأت بعد سقوط الخلافة الإسلامية وتدّعي السعي لعودة الهوية الإسلامية للأمة في ثوب الحضارة الغربية بقيمها ومبادئها ( حلوها ومرها كما يقول الأديب العلماني طه حسين ) مخالفة للعقيدة والمنهج الإسلامي المتمثل في أهل السنة والجماعة أي امتدادا لأصحاب الفرق والبدع القديمة والطوائف الضالة والمنحرفة ولكن في ثوبها ولونها الجديد !!! ... روي البخاري ومسلم عن حذيفة بن اليمان رضي الله عنه أنه قال " كان الناس يسألون رسول الله صلى الله عليه وسلم عن الخير وكنت أسأله عن الشر مخافة أن يدركني فقلت يا رسول الله إنا كنا في جاهلية وشر فجاءنا الله بهذا الخير فهل بعد هذا الخير من شر قال  نعم قلت وهل بعد ذلك الشر من خير قال نعم وفيه دخن قلت وما دخنه قال قوم يهدون بغير هديي تعرف منهم وتنكر قلت فهل بعد ذلك الخير من شر قال نعم دعاة على أبواب جهنم من أجابهم إليها قذفوه فيها قلت يا رسول الله صفهم لنا قال هم من جلدتنا ويتكلمون بألسنتنا قلت فما تأمرني إن أدركني ذلك قال تلزم جماعة المسلمين وإمامهم قلت فإن لم يكن لهم جماعة ولا إمام قال فاعتزل تلك الفرق كلها ولو أن تعض بأصل شجرة حتى يدركك الموت وأنت على ذلك "... ( اللهم يامقلب القلوب ثبت قلوبنا على دينك ويا مصرف القلوب صرف قلوبنا على طاعتك ...اللهم لا تمتنا إلا وأنت راضي عنا ) ....آمين


يتبع..
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
Taheer




المساهمات : 24
السٌّمعَة : 0
تاريخ التسجيل : 18/02/2020

الدين المُنزّل والدين المُبدّل وحقيقة الصراع بينهما Empty
مُساهمةموضوع: رد: الدين المُنزّل والدين المُبدّل وحقيقة الصراع بينهما   الدين المُنزّل والدين المُبدّل وحقيقة الصراع بينهما I_icon_minitimeالأربعاء فبراير 19, 2020 12:07 pm

حفظ الدين
قال تعالى {( إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ ) الحجر : 9 } يقول الإمام بن كثير في تفسيره : وَهُوَ الْقُرْآن وَهُوَ الْحَافِظ لَهُ مِنْ التَّغْيِير وَالتَّبْدِيل ....فالله سبحانه هو الذي أنزل هذا الذكر هذا الدين كما أنزل الأديان السماوية من قبل وائتمن أهلها عليها{( إِنَّا أَنزَلْنَا التَّوْرَاةَ فِيهَا هُدًى وَنُورٌ ۚ يَحْكُمُ بِهَا النَّبِيُّونَ الَّذِينَ أَسْلَمُوا لِلَّذِينَ هَادُوا وَالرَّبَّانِيُّونَ وَالْأَحْبَارُ بِمَا اسْتُحْفِظُوا مِن كِتَابِ اللَّهِ وَكَانُوا عَلَيْهِ شُهَدَاءَ ۚ فَلَا تَخْشَوُا النَّاسَ وَاخْشَوْنِ وَلَا تَشْتَرُوا بِآيَاتِي ثَمَنًا قَلِيلًا ۚ وَمَن لَّمْ يَحْكُم بِمَا أَنزَلَ اللَّهُ فَأُولَٰئِكَ هُمُ الْكَافِرُونَ ) المائدة : 44} فلما غفلوا عنها وبدلوها أرسل الله الرسل ليذكروا الناس بدينه وميثاقه الذي نقضوه فمنهم من هدى الله ومنهم من حقت عليه الضلالة لإعراضه واستكباره ، فلما كان دين الله الإسلام هو خاتم الرسلات وخاتم الأديان وكان الرسول صلى الله عليه وسلم هو خاتم المرسلين تكفل الله سبحانه وتعالى بحفظه نصا ومعنيً وواقعا فلم ينزل جملة واحدة بل نزل متفرقا مع الأحداث من أجل أن يظل محفوظا ومطبوعا في الذاكرة والقلوب ( هذا غير الكثير من الحَكم في نزوله منجما ) وكان الوحي يتعهد رسول الله صلى الله عليه وسلم في رمضان بمراجعته نصا ومعنا وكان عليه السلام يبلغة إلى المؤمنين عند نزوله مباشرة نصا ومعنا أيضا غير ما يتم من مدارسته مع أصحابه {( وَأَنزَلْنَا إِلَيْكَ الذِّكْرَ لِتُبَيِّنَ لِلنَّاسِ مَا نُزِّلَ إِلَيْهِمْ وَلَعَلَّهُمْ يَتَفَكَّرُونَ )النحل : 44} وكان من الصحابه من يكتبه ويحتفظ به ( كتبة الوحي) ، ولقد منَّ الله على الصحابة بمهارة الحفظ الدقيق الأمين بفضل من الله ثم بدعاء الرسول الكريم لهم بذلك تحقيقا لهذا الهدف الرباني العظيم ...، وفي عصر الخلفاء الراشدين تم جمع القرآن بشهادة الصحابة الكرام علية وتواترهم على آياته في مصاحف ما زال بعضها موجود إلى الآن ، ثم في عصر التابعين كثرت المصاحف وبدأت علوم القرآن كما ذكرنا من قبل ومنها علم القراءات والتجويد والتفسير والخط فتم حفظه قرآءة وخطا ومعنيً وتفسيرا ،...أما السنة وهي أقوال الرسول صلى الله عليه وسلم وأفعاله وهي كما قلنا من قبل توضيحا وتفصيلا لما جاء في القرآن وإكمالا له فبدأ جمعها متأخرا عن القرآن قصدا من الصحابة حتى لا تختلط به ، فبدأ جمعها في عصر التابعين فنشأت من أجل ذلك علوم الحديث لجمع الأحاديث الصحيحة بدرجاتها المختلفة وتمييزها عن الأحاديث الموضوعة وكتبت المؤلفات الجامعة للأحاديث وشرحها المأثور عن الصحابة الكرام وبذلك تم حفظ السنة ...، ثم نشأت علوم الفقه وأصوله فتم جمع كل اجتهادات الصحابة وما اجتمعت عليه آراؤهم وما اجتمع عليه علماء أهل السنة والجماعة في القرون المفضلة في كتب الفقه ومن ثم تم حفظها أيضا وهي تحوي صفات وخصائص أهل السنة والجماعة وعقيدتها ومنهجها وهي تعتبر الفرقة الناجية في مقابل الفرق والجماعات الضالة من هذه الأمة والتي تعتبر جذور وأصول الإنحرافات في العصر الحديث ...، وليس هذا وفقط بل نشأ واستقر ودُون علم أصول الفقة وهو يحوي نظام وآلية الإجتهاد في مواجهة المستجدات والأقضية المستحدثة بما يحفظ ارتباطها بالأصول وتحقيقها نظام هذا الدين وهذا يضمن الحفاظ على هذا الدين في حياة هذه الأمة إلى نهاية أجلها المعلوم ...وكان هذا كله من تقدير الله لتحقيق وعده المصدوق {( وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ )}...وبذلك تم حفظ هذا الدين في أصوله النظرية ..أما حفظه في الواقع والحياة العملية فقد تحقق وسيتحقق من خلال الأئمة المجددين علماء أهل السنة والجماعة على مدار تاريخ هذه الأمة كما ذكرنا من قبل فيقومون بإحياء هذا الدين في حياة هذه الأمة من خلال الدعوة والبيان والكتابة والسلوك والعمل ومشاركة الناس في الأحداث بل قيادتهم في ذلك، كل هذا من خلال تصورات ومفاهيم وعقيدة ومنهج هذا الدين المتمثل في عقيدة ومنهج أهل السنة والجماعة ثم الطائفة المنصورة التي وعدهم الرسول الكريم صلى الله عليه وسلم بها وأنها على الحق في كل صور حياتها وأنها ظاهرة للعيان حتى يراها ويعرفها الجميع ويتبعها الصادقون ويقتدي بها المخلصون من هذه الأمة ( لا تزال طائفة من أمتي ظاهرين على الحق لا يضرهم من خذلهم حتى يأتي أمر الله... صحيح البخاري) ، بل أنها ستقاتل من أجل القيام بهذه المهمة ( لا تزال طائفة من أمتي يقاتلون على الحق ظاهرين حتى تقوم الساعة .. صحيح مسلم) وحفظ هذه الأمانة ، أمانة حفظ هذا الدين ليكون واقعا تحياه هذه الأمة ويحكم واقعها أفرادا وجماعات ودولة بشريعة الله ونظامه ولو كرة الكافرون والمنافقون والمرتدون وأصحاب البدعة والمرجفون... ولقد أقر علماء التوثيق في الجامعات الغربية بصحة ما تم حفظه ونسبته إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم بالرغم من عدم إقرارهم برسالته ونبوته لكفرهم وإنكارهم أن القرآن والسنة بوحي من الله حقدا وحسدا وجحودا بآيات الله الواضحة والدالة على ذلك ومنها حفظ هذا الدين بهذه الطريقة المحكمة الدقيقة على مدار هذه القرون والسنين... ولأهمية هذا الموضوع –حفظ دين الله المُنزّل – وخصوصا في وقتنا المعاصر ، سوف نستعرض ما كتبه الدكتور محمد بن عبد الله القناص عضو هيئة التدريس بجامعة القصيم في هذا الموضوع حيث قال : قال تعالى: "إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ"، والذكر هو القرآن، والمعنى: أن الله سبحانه نزل القرآن وحفظه من أن يزاد فيه أو ينقص أو يحصل فيه تغيير أو تبديل، كقوله عز وجل: "وَإِنَّهُ لَكِتَابٌ عَزِيزٌ لا يَأْتِيهِ الْبَاطِلُ مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ وَلا مِنْ خَلْفِهِ تَنْزِيلٌ مِنْ حَكِيمٍ حَمِيدٍ" [فصلت:42]، وقوله تعالى: "لا تُحَرِّكْ بِهِ لِسَانَكَ لِتَعْجَلَ بِهِ إِنَّ عَلَيْنَا جَمْعَهُ وَقُرْآنَهُ فَإِذَا قَرَأْنَاهُ فَاتَّبِعْ قُرْآنَهُ" [القيامة:16- 18] ...قال ابن جرير: " يقول تعالى ذكره: "إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ" وهو القرآن "وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ" قال: وإنا للقرآن لحافظون من أن يزاد فيه باطل ما ليس منه ، أو ينقص منه ما هو منه من أحكامه وحدوده وفرائضه" تفسير ابن جرير (14/ 7)، وبهذا يتضح من دلالة الآية أن الله سبحانه تكفَّل بحفظ القرآن ، وهذا يستلزم منه حفظ السنة التي هي بيان للقرآن كما قال سبحانه: "وَأَنْزَلْنَا إِلَيْكَ الذِّكْرَ لِتُبَيِّنَ لِلنَّاسِ مَا نُزِّلَ إِلَيْهِمْ وَلَعَلَّهُمْ يَتَفَكَّرُونَ" [النحل:44]؛ لأن المقصود حفظ الشريعة والدين، ولا يتحقق هذا على وجه الكمال والتمام إلا بحفظ السنة التي هي بيان للقرآن ، وقد دل على هذا قوله سبحانه: " إِنَّ عَلَيْنَا جَمْعَهُ وَقُرْآنَهُ فَإِذَا قَرَأْنَاهُ فَاتَّبِعْ قُرآنه ثُمَّ إِنَّ عَلَيْنَا بَيَانَهُ" [القيامة: 18-19]، أي بيان القرآن وإيضاحه علينا، ويستلزم من ذلك حفظ هذا البيان ، وهو السنة. وقد حفظ الله السنة في صدور الصحابة- رضي الله عنهم- والتابعيين حتى بلغوها للأمة وكتبت ودونت في المصنفات، والمسانيد والمعاجم، وهيأ الله -سبحانه وتعالى- لهذه السنة جهابذة العلماء الذين بذلوا جهوداً عظيمة في حفظها من تحريف الغالين، وانتحال المبطلين، وتأويل الجاهلين، وابتكروا وسائل وطرقاً تضمنت أصولاً وقواعد عرفت بعلوم الحديث، وهي في غاية الإتقان والإحكام يحصل من خلالها تمييز الصحيح من الضعيف والمحفوظ من المنكر والشاذ ، وإيضاح الأوهام والأخطاء التي توجد في الأسانيد والمتون، ومن أمعن النظر في تراجم أئمة الحديث، وتدبر ما آتاهم الله من قوة الحفظ وسداد الفهم والتفاني في خدمة السنة وحياطتها والذب عنها أدرك أن ذلك ثمرة حفظه تعالى لدينه وشريعته، ولكن لما كان القرآن معجزاً بألفاظه ومعانيه ومتعبداً بتلاوته جعل الله حفظه إليه ونُقل نقلاً متواتراً، وأما السنة فلم يقصد التعبد ولا الإعجاز بألفاظها فحفظها الله- سبحانه وتعالى- بتهيئة أولئك الأئمة الذين بذلوا جهوداً عظيمة في حفظها والذب عنها، يقول ابن تيمية: (فإن الدين محفوظ بحفظ الله له ولما كانت ألفاظ القرآن محفوظة منقولة بالتواتر لم يطمع أحد في إبطال شيء منه ولا في زيادة شيء فيه بخلاف الكتب التي قبله قال تعالى: "إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ" [الحجر: 9 بخلاف كثير من الحديث طمع الشيطان في تحريف كثير منه وتغيير ألفاظه بالزيادة والنقصان والكذب في متونه وإسناده فأقام الله له من يحفظه ويحميه، وينفي عنه تحريف الغالين، وانتحال المبطلين وتأويل الجاهلين، فبينوا ما أدخل أهل الكذب فيه وأهل التحريف في معانيه) الرد على البكري ( 1/ 171)، ويقول شيخ الإسلام ابن تيمية – رحمه الله- أيضاً: قال تعالى{ "إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ"  الحجر: 9} فما في تفسير القرآن أو نقل الحديث أو تفسيره من غلط فإن الله يقيم له من الأمة من يبينه ويذكر الدليل على غلط الغالط وكذب الكاذب، فإن هذه الأمة لا تجتمع على ضلالة ولا يزال فيها طائفة ظاهرة على الحق حتى تقوم الساعة إذ كانوا في آخر الأمم فلا نبي بعدهم ولا كتاب بعد كتابهم، وكانت الأمم قبلهم إذا بدَّلوا وغيروا بعث الله نبياً يبين لهم ويأمرهم وينهاهم ولم يكن بعد محمد -صلى الله عليه وسلم- نبي ، وقد ضمن الله أن يحفظ ما أنزله من الذكر، وأن هذه الأمة لا تجتمع على ضلالة، بل أقام الله لهذه الأمة في كل عصر من يحفظ به دينه من أهل العلم والقرآن) الجواب الصحيح (3 / 39) ومن العلماء من فسر الذكر في الآية : بالكتاب والسنة، يقول ابن تيمية: قال تعالى: "وَمَنْ يَعْشُ عَنْ ذِكْرِ الرَّحْمَنِ نُقَيِّضْ لَهُ شَيْطَاناً فَهُوَ لَهُ قَرِينٌ" [الزخرف:36]، وذكر الرحمن الذي أنزله هو الكتاب والسنة اللذان قال الله فيهما : "وَاذْكُرُوا نِعْمَتَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ وَمَا أَنْزَلَ عَلَيْكُمْ مِنَ الْكِتَابِ وَالْحِكْمَةِ يَعِظُكُمْ بِهِ وَاتَّقُوا اللَّهَ وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ" [البقرة: من الآية231]، وقال تعالى: "لَقَدْ مَنَّ اللَّهُ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ إِذْ بَعَثَ فِيهِمْ رَسُولاً مِنْ أَنْفُسِهِمْ يَتْلُو عَلَيْهِمْ آيَاتِهِ وَيُزَكِّيهِمْ وَيُعَلِّمُهُمُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ" [آل عمران: من الآية164]، وهو الذكر الذي قال الله فيه: "إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ" [الحجر: 9]، [الفتاوى الكبرى (2 / 274)]. هذا والله الموفق والهادي إلى سواء السبيل. ..موقع الفتاوى(خزانة الفتاوى) السبت 29 شعبان 1424 الموافق 25 أكتوبر 2003


يتبع..
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
Taheer




المساهمات : 24
السٌّمعَة : 0
تاريخ التسجيل : 18/02/2020

الدين المُنزّل والدين المُبدّل وحقيقة الصراع بينهما Empty
مُساهمةموضوع: رد: الدين المُنزّل والدين المُبدّل وحقيقة الصراع بينهما   الدين المُنزّل والدين المُبدّل وحقيقة الصراع بينهما I_icon_minitimeالأربعاء فبراير 19, 2020 12:09 pm

الصراع بين الدين المُنزّل والدين المُبدّل في ظل عصور الخلافة الإسلامية
 الخلافة الإسلامية هي النظام السياسي في الإسلام وهو قائم على الشوري وله أحكام شرعية تفصيلية وكان مطبقا تطبيقا كاملا أثناء الخلفاء الراشدين على منهاج النبوة فلما نقضت أول عروة وتبدل منهاج النبوة القائم على الشورى إلى نظام التوريث أصبحت الخلافة قائمة على غير منهاج النبوة ، والنظام السياسي هو أهم حارس من حراس هذا الدين والقائم على حفظة وتطبيقه في الواقع قبل العلماء الذين هم بمثابة الحراس الآخرين لهذا الدين ....وبمجرد حدوث هذا الخلل في النظام السياسي نظام الخلافة بدأت الفرق البدعية والضالة في الظهور والإنتشار ، وخطورتها تكمن في أنها تحمل لواء التبديل لهذا الدين وفتحت الباب لهذا الخطر العظيم، فالبدعة أخطر من المعصية وهي من الكبائر(وبعضها يعتبر ناقض من نواقض هذا الدين) والشيطان يفرح بها كثيرا لأنها توهم أتباعها أنهم على شيء من هذا الدين {( قُلْ هَلْ نُنَبِّئُكُمْ بِالْأَخْسَرِينَ أَعْمَالاً (103) الَّذِينَ ضَلَّ سَعْيُهُمْ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَهُمْ يَحْسَبُونَ أَنَّهُمْ يُحْسِنُونَ صُنْعاً (104)الكهف} وأهم سبب لهذا الإنحراف الخطيرهو الإنفتاح على الثقافات الأخرى للأمم الجديدة العهد بالإسلام في غفلة من الحكام !! فبدأ يتغير تدريجيا منهج التلقي داخل الأمة الإسلامية من الإتباع إلى الإبتداع أي المنهج العقلاني وعلم الكلام (الفلسفي ) ...وبالرغم من قوة التيار السلفي أي أهل السنة والجماعة وكثرة علمائها آنذاك إلا أن الخلل الذي أصاب النظام السياسي أفقده القدرة في تقدير خطورة هذا الإنحراف والتعامل معه بحسم ، بل إن بعض الخلفاء قد انزلق بنفسه في متاهة هذا الإنحراف (كما حدث في فتنة الإمام أحمد بن حنبل فتنة خلق القرآن أيام الخليفة العباسي المعتصم بالله والذي تبنى بدعة المعتزلة ) وبدأوا في مواجهة علماء أهل السنة والجماعة ومحاربتهم والتضييق عليهم وسجنهم .... وازداد الأمر سوءا عندما انزلق بعض العلماء المعتبرين في منزلق الإرجاء وهو الذي يمثل أخطر إنحراف داخل الأمة وليس خارجها وسُموا هؤلاء بفقهاء المرجئة وكان منهم علماء مشهورون ومن ثم أعطوا غطاءا وبعدا شرعيا لهذا الإنحراف ولقد تصدى علماء أهل السنة والجماعة لهم بقوة فتاب بعضهم ورجع وظل الآخرون يدعمون هذا الإنحراف ... هذا الإنحراف الذي يتلخص في إخراج منظومة العمل من مفهوم وتعريف الإيمان ( مفهوم أهل السنة والجماعة أن الإيمان قول وتصديق وعمل وأنه يزيد بالطاعة وينقص بالمعصية وينقض بنواقض الإسلام ) وأصبح مجرد القول ( قول الشهادة ) أو التصديق يكفي لتوصيف الإيمان- على تباين بين فرق الإرجاء - وأصبح لازم قولهم أنه لا يضر مع الإيمان معصية ومن ثم لا فرق بين إيمان أبي بكر رضي الله عنه وبين إيمان فساق المسلمين... وبالرغم من أن علماء المرجئة كانوا في حد ذاتهم ملتزمين بالعمل في حياتهم بل كان منهم من له شهرة بالإلتزام بالعمل والعبادة إلا أن هذا التعريف الذي ابتدعوه في مفهوم الإيمان ( الإسلام الحقيقي ) وكذلك عدم تفريقهم بينه وبين الإسلام الظاهري الحكمي ، وخالفوا فيه أهل السنة والجماعة تلقفه المنافقون ومرضى القلوب والمرجفون في هذه الأمة وسرعان ما انتشر كالنار في الهشيم ومن ورائهم ابليس وجنوده ففتحوا به بابا عظيما كان يحول بين عموم المسلمين في هذه الأمة وبين الفساد والإنحراف والفسوق والمعصية وكل هذا زاد من وهن الأمة وضعفها وخذلانها وذلتها في مواجهة أعدائها المتربصين بها وسهل اختراقهم لها.... ولقد حذر رسولنا الكريم صلى الله عليه وسلم ومن بعده صحابته الكرام وعلماء أهل السنة والجماعة من خطورة هذه الإنحرافات الفكرية والبدعية لأنها هي التي تمهد وتعطي الشرعية للإنحرافات الواقعية والعملية في حياة الناس عن جابر بن عبد الله رضي الله عنه ، أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يقول في خطبته : ( إن أصدق الحديث كتاب الله ، وأحسن الهدي هدي محمد ، وشر الأمور محدثاتها ، وكل محدثة بدعة ، وكل بدعة ضلالة ، وكل ضلالة في النار ) أخرجه بهذا اللفظ النسائي في سننه (3/188) ، وقال الرسول صلى الله عليه وسلم : ( من عمل عملا ليس عليه أمرنا فهو رد ) أخرجه مسلم...وكلمة رد معناه مردود ..، وقال الإمام بن القيم في إعلام الموقعين (والمقصود أن السلف جميعهم على ذم الرأي والقياس المخالف للكتاب والسنة وأنه لا يحل العمل به لا فتيا ولا قضاءا)..وقال أيضا (والقياس الفاسد الذي ذمه السلف هو التسوية بين الشيئين لمجرد اشتراكهما في أمر من الأمور وقالو أول من قاس إبليس ، وما عبدت الشمس والقمر إلا بالمقاييس ..وكل بدعة ومقالة فاسدة في أديان الرسل فأصلها من القياس الفاسد )1ِ\79 ، 1\472 .
 وفي مقابل هذا التيار الإرجائي والذي يمثل خط الإنحراف في اتجاه التفريط ، كان خط الإنحراف الآخر في الإتجاه المعاكس إتجاه الإفراط وهو تيار الفكر الخارجي نسبة إالى جماعات الخوارج(على تنوع بينهم) والتي ظهرت في وقت مبكر جدا في أواخر عهد الصحابة رضوان الله عليهم كما تنبأ رسول الله صلى الله عليه وسلم وبالرغم من أنهم على النقيض من المرجئة إلا أن الإيمان عندهم كذلك كلٌ لا يتجزأ ومن ثم فالكبائر من المعاصي تذهب بالإيمان كله وإذا كفر الراعي(الحاكم ) كفرت الرعية(الأزارقة) فهم يكفرون عموم المسلمين أو يتوقفون في إسلامهم بمجرد علو أحكام الجاهلية في ديارهم لأنهم لايعتدون بدلالات الإسلام( الظاهري) الثابتة بالكتاب والسنة والإجماع في تحديد صفة المسلم فهي عندهم متغيرة وغير ملزمة ولا يفرقون بين أحكام الدنيا (الإسلام الظاهري الحكمي ) وحقيقة الإسلام المقبولة في الآخرة (الإسلام الحقيقي أو الإيمان ) وغير ذلك من التفاصيل المهمة التي ليس هذا مقامها .......وخطورة هذا الفكر هو أنه يمثل المحاولة المقابلة لتبديل دين الله وتغييره ومن ثم فهو محط وعيد الله وعقابه للمبدلين والمغيرين صغيرا كان أو كبيرا وبصرف النظر عن النوايا {( وَلَوْ تَقَوَّلَ عَلَيْنَا بَعْضَ الْأَقَاوِيلِ ، لَأَخَذْنَا مِنْهُ بِالْيَمِينِ ، ثُمَّ لَقَطَعْنَا مِنْهُ الْوَتِينَ ، فَمَا مِنكُم مِّنْ أَحَدٍ عَنْهُ حَاجِزِينَ )الحاقة : 44،45 ، 47،46 } ...قال الله تعالى :{ ( يَا أَهْلَ الْكِتَابِ لَا تَغْلُوا فِي دِينِكُمْ وَلَا تَقُولُوا عَلَى اللَّهِ إِلَّا الْحَقَّ.... )النساء :171 }..، وعن بن عباس قال رسول لله صلى الله عليه وسلم : [إياكم والغلو في الدين فإنما أهلك من كان قبلكم الغلو في الدين ] صحيح بن حبان وسنن بن ماجة ... فإذا انتشر هذا في قوم دب الإختلاف والفرقة في صفوفهم وألقى الله بينهم التنازع والبغضاء في صفوفهم ووكلهم إلي نفوسهم وانتشر الشك والريب بين بعضهم البعض واستحلت الأموال والدماء والأعراض بغير حق وسلط الله عليهم أعداءهم .... وكلا الإتجاهين ( الإنحراف الإرجائي والخارجي ) يؤصل انحرافاته على أصول فاسدة ...إما المتشابه من النصوص والتغافل عن المحكم منها {( هُوَ الَّذِي أَنزَلَ عَلَيْكَ الْكِتَابَ مِنْهُ آيَاتٌ مُّحْكَمَاتٌ هُنَّ أُمُّ الْكِتَابِ وَأُخَرُ مُتَشَابِهَاتٌ ۖ فَأَمَّا الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ زَيْغٌ فَيَتَّبِعُونَ مَا تَشَابَهَ مِنْهُ ابْتِغَاءَ الْفِتْنَةِ وَابْتِغَاءَ تَأْوِيلِهِ ..)آل عمران :8 } ، وإما علي التأويل والقياس الفاسد .........وإما على بعض قواعد أصول الفقه كالمصالح المرسلة والضرورات تبيح المحظورات بلا ضوابط ولا تقيد بالأصول التشريعية....والشيطان لا يعبأ بأي اتجاه سارت فيه هذه المحاولات سواءا كانت إفراطا أو تفريطا المهم هو تحقيق الهدف وهو تغيير وتبديل دين الله في الأرض ... وبين الإتجاهين يقف أهل السنة والجماعة يمثلون الإسلام ويمثلون الأمة الوسط بين الإفراط والتفريط {( وَكَذَٰلِكَ جَعَلْنَاكُمْ أُمَّةً وَسَطًا لِّتَكُونُوا شُهَدَاءَ عَلَى النَّاسِ وَيَكُونَ الرَّسُولُ عَلَيْكُمْ شَهِيدًا...) البقرة : 143 } ويمثلون الفرقة الناجية التي قدر الله لها نصيبها في حفظ هذا الدين وثباته كميزان قويم لكل الفرق الأخرى بل للعالمين أجمعين ، وهم لهذا –أهل السنة والجماعة – هدف لكل السهام ..هدف للمرجئة معتبرين إياهم خوارج ..هدف للخوارج معتبرين إياهم مرجئة .. هدف للفرق الضالة المرتدة وعلى رأسهم الروافض الشيعة معتبرين إياهم عدوهم اللدود السنة النواصب..هدف للكفر العالمي من اليهود والصليبيين والمشركين وعملائهم والملحدين والعلمانيين معتبرين إياهم متخلفين رجعيين ارهابيين ..هدف لعوام المسلمين من السنة معتبرين إياهم متطرفين متزمتين متشددين !!!
وأضحت هذه الإنحرافات معاول هدم تنخر في جسد الأمة وبنيان الخلافة من القمة إلى القاعدة بالرغم من الجهود الفائقة لأهل السنة والجماعة وعلمائهم حتى أصابها الوهن وأصبحت مطمعا للأعداء المتربصين بديار الإسلام من اليهود والصليبيين والروافض والمرتدين والمنافقين وووالذين اجتمعوا على هدف واحد – برغم تنافسهم وتباين مصالحهم فيما بينهم- وهو القضاء على الخلافة الإسلامية حصن هذه الأمة وحارسها تمهيدا لتبديل دينها وتجريدها من مصدر قوتها.


يتبع..
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
Taheer




المساهمات : 24
السٌّمعَة : 0
تاريخ التسجيل : 18/02/2020

الدين المُنزّل والدين المُبدّل وحقيقة الصراع بينهما Empty
مُساهمةموضوع: رد: الدين المُنزّل والدين المُبدّل وحقيقة الصراع بينهما   الدين المُنزّل والدين المُبدّل وحقيقة الصراع بينهما I_icon_minitimeالأربعاء فبراير 19, 2020 12:10 pm

الصراع بين الدين المُنّزل والدين المُبدّل بعد سقوط الخلافة الإسلامية
الغزو الأوروبي والغزو الفكري المعاصر
تركت الحروب الصليبية جروحا غائرة في ذاكرة العالم الغربي ودروسا لا ينساها ، كان من أهمها ما قاله لويس التاسع عشر بعد أن فك أسره أننا لن نستطيع أن نهزم ونخضع العالم الشرقي – ويقصد به العالم الإسلامي- طالما هذا الكتاب – ويقصد به القرآن – بين أيديهم ...وكان هذا الكلام قبل الحملة الفرنسية الحديثة على مصربحوالي خمسة قرون ، وأخذ الأوربيون هذه النصيحة مأخذ الجد ، وبالرغم من إدراكهم أن نزع هذا الكتاب عن المسلمين أمرا مستحيلا وغير ممكن ولكن إيجاد البديل ( أي الدين المُبدّل) المتشابه معه في المظاهر والشكل والمختلف معه في الحقيقة والأصل هو الممكن وهو المتاح ويؤدي إلى نفس النتيجة والغاية وهو إبعاد المسلمين عن دينهم المُنزّل مصدر عقيدتهم وشرعهم ومصدر قوتهم ، حتى مع حالات الوهن والإنتكاسات التي تصيبهم يمكن الرجوع إلى هذا المصدر فيستعيدوا عافيتهم ويستردوا قوتهم تلك وهذا قد تأكد من تاريخهم مع الحملات التي هبت عليهم .. وكان هذا هو أصل وبداية التفكير في الغزو الفكري ، وكان التطبيق هو مع الحملة الفرنسية على مصر التي كان الهدف الأساسي لها هو تنفيذ هذه الخطة وبذر بذورها في التربة المصرية لمكانة مصر وقيادتها في العالم الإسلامي ... فعندما جاءت الحملة الفرنسية لم تكن عدتها التجهيزات العسكرية والجند وخدماتهم فقط كما في سابق الحملات الصليبية إنما أحضرت معها المطابع لطباعة المنشورات والكتب والجرائد ، وعلماء الأثار والفنون المختلفة وكان نابليون ومساعدوه يتقربون إلى علماء الأزهر ويزورونهم في المساجد حتى شاع بين المسلمين أنهم قد أسلموا وكان هذا إمعانا في الخداع لتحقيق الخطة وعندما خرجت الحملة بعد ثلاث سنوات تركت معظم هذه الأشياء التي أحضرتها ( وكان هذا دليلا على هدف الخطة) مع عملائها ووكلائها الذين صنعتهم وأعدتهم خلال هذه السنوات – وربما من قبل ذلك أيضا – وأخذت معها صفوة الشباب المصري لتصنع منهم رموز المجتمع المصري الجديد وحملة لمعاول الهدم للدين والشرع المُنزّل والترويج والتبشير بالدين المُبدّل والنظام الجديد ........... 
نتائج الحملة الفرنسية على مصر
بعد خروج الحملة الفرنسية بدأت بذورها التي بذرتها في التربة المصرية تنبت شيئا فشيئا فبدأ الشباب المصري المبعوثون إلى باريس يرجعون إلى الوطن بعد أن تم تغريبهم فكرا وعقيدة وسلوكا وقيما وأصبحوا رموزا في المجتمع المصري يتقلدون شتى المناصب القيادية ليقودوا المجتمع في مسيرة التغريب والإنسلاخ تدريجيا عن الدين ، وكان رفاعة الطهطاوي من أبرز هذه الرموز وكتابه تخليص الأبريز في تلخيص باريز يمثل هذا الإتجاه بوضوح وجلاء ، وسعت فرنسا من أجل تدعيم هذه القيادات ومن خلال علاقتها الوثيقة بالباب العالي في الأستانه ( الذي قد بدأ بفتح الأبواب للغزو الغربي) بتعيين محمد علي المقرب منها واليا على مصر من قبل الأستانه ، وما إن تولى محمد علي القيادة حتى ارتبط به سليمان باشا الفرنساوي وهو من مخلفات الحملة الفرنسية وكان قد أعلن إسلامه من أجل القيام بدوره على أكمل وجه ! فكان بحق يد محمد علي الفرنسية في مصر فسعى لإنشاء جيش مصري قوي حديث بتدعيم فرنسا ليكون يد العالم الغربي للقضاء على أي محاولة تعويق لخطة تغريب المنطقة ( كما قام هذا الجيش بقيادة ابراهيم باشا بن محمد علي بالقضاء على بعض قيادات الحركة الوهابية باعتبارها معوقا لتحقيق الخطة ) ‘ هذا بالإضافه إلى دعمه للقيادات المتغربه والإستمرار في خطة البعوث من أجل تهيئة المجتمع للمراحل المقبلة من خطة التغريب ...ويكفي في هذا الإطار أن نعرف أن كل أبناء محمد علي كانوا أعضاء في المحفل الماسوني الأعظم للشرق وهو على اتصال وثيق بالمحفل الماسوني الأعظم للغرب في فرنسا ، وكان على رأسهم اسماعيل باشا رئيس المحفل الأعظم للشرق!!!
الإحتلال البريطاني لمصر....تبادل الكراسي والأدوار!!
أدرك العالم الغربي أن تحقيق خطة التغريب وما يتلوها من خضوع المنطقة للغرب والسيطرة على مقاليد الأمور وخصوصا السياسية والإقتصادية والثقافية يتطلب تواجد الرجل الأبيض واشرافه المباشر على الحكم ولو لفترة من الوقت ، فأتفق على أن تقوم بريطانيا بهذا الدور بالإضافة إلى موقع مصر المتميز في الطريق إلى مستعمراتها في الهند وما حواليها ، والرجل الأبيض الإنجليزي مشهور بهدوئه ومكره فهو الأنسب للقيام بهذا الدور الخبيث وهو تبديل وتغيير الدين ببطيء وتدرج حسب قاعدتهم المشهورة slow but sure ، أما تنحية الدين وإنحسارة من حياة الناس فهو هدف مطروح أيضا ولكنه بعيد المنال وصعب التحقيق كما قال اللورد كرومر أول معتمد بريطاني على مصر بعد الإحتلال في لقائه مع المبشرين ، فوضع المسلمين مختلف عن النصارى وخصوصا في العالم الغربي فالآخرون كان بينهم وبين دينهم عداوة ذرعتها الكنيسة وشركاؤها من الحكام فضلا عن تهافت العقيدة ( المحرّفة والمبدّلة)عندهم المصادمة للفطرة والعقل ، أما بلاد المسلمين فالإسلام هم سبب عزهم ومجدهم ونهضتهم وقوة نفوسهم وثباتهم فكان الأنسب هو التبديل كما قلنا مرارا من قبل فيظل المسلمون متوهمين أنهم ما زالوا على شيء من هذا الدين..... ولكن لا مانع من استخدام كافة التجارب والوسائل التي استخدموها في أوروبا للقضاء ومحاربة الدين كنشر الإلحاد والوجودية واللادينية والعلمانية والإباحية وووووفإن نبتت في التربة الإسلامية فسوف تسارع في تحقيق الهدف وهذا هو المطلوب !! 
منجزات الإحتلال البريطاني
بدأ اللورد كرومرالمندوب السامي البريطاني على مصر بتغيير جميع الوزارات ووضع الكوادر الوطنية والمتغربة ( المتفرنجة) في مراكز القرار والتنفيذ وأولى جهدا خاصا لوزارة التعليم فوضع على رأسها مستر دانلوب الأنجليزي المشهور فقام بتغييرات جذرية ووضع خطة لجميع مراحل التعليم سواءا للمعلمين والمتعلمين من أجل تنشئة أجيال مسلمة مهجنة بعقلية أوروبية وقيم غربية وبذلك يضمن الحفاظ على بعض المظاهر الشكلية والشعائر والنسك بينما الجوهر والحقيقة والولاء للعالم الغربي والحضارة الأوربية !!! ومن أجل اضفاء الشرعية على هذه المعادلة الصعبة تم إنشاء معاهد إسلامية متخصصة بواسطة المستشرقين في أوروبا لاستقبال طلبة العلوم الإسلامية المبعوثين وتنميط عقولهم بما يتناسب مع الإسلام الجديد المتحضر المتطور المعتدل والذي يساير ركب الحضارة الإنسانية أي الإسلام المُبدّل !! وتم إعطائهم شهادات علمية متطورة من الماجستير والدكتوراة لتجب نظام الدرجات العلمية في المعاهد الدينية والأزهر الشريف وهو نظام المشيخة والأستاذية فأصبح هؤلاء الحاصلون على الماجستير والدكتوراة هم محل ثقة الغرب في المناصب القيادية الحساسة والمؤهلون لإصدار الفتاوى والبيانات والكتابة في الصحف والمجلات وإصدار الكتب وإبرازهم إعلاميا ليقوموا بدور الإعتماد الشرعي للإسلام الجديد المُبدّل أما الجيل القديم من المشايخ والأساتذه فأصبحوا محل سخرية واستهزاء في الوسط الإعلامي والفني ومحل نقد وهجوم في المجال الفكري فصاروا يمثلون الإسلام الرجعي المتخلف المتزمت والذي يجب أن تتجاوزه الأحداث والتاريخ !!! ..............أما على المحور التشريعي والسياسي وهو يعتبر ثمرة للمحور التعليمي التربوي فبدأوا بوضع دستور للبلاد طبقا لهذه المعادلة الصعبة ، المحافظة على الشكل مع تغيير الجوهر ، فالبلاد إسلامية ولكنها تحكم بالقوانين الأوروبية الوضعية ،أحزاب علمانية ليبرالية تتبادل كراسي الحكم ، لا ضير فالإسلام الجديد المتطور والمُبدّل يتيح ذلك ويستوعبه ولكن بالتدريج البطيء وعلى كافة المحاور ...محاكم شرعية نعم ، بجانبها محاكم مختلطة ذات أبهة وعلى أحدث نظام ذات قضاة بالزي الغربي ثم غدا تتلاشي المحاكم الشرعية تدريجيا بقضاتها وأزيائها الرثة والبالية والتي تجاوزها المجتمع والزمن !! وهكذا تم تنحية شرع الله ونظامة من الأرض ولا حول ولا قوة إلا بالله ...ومن أجل تخدير الجماهير وإشعارهم بالرضى ولتجميل وجه الإحتلال والقبول به وبهذه التغييرات الجذرية والخطيرة كان هناك الإنجازات المادية الباهرة للحضارة الغربية بزعامة انجلترا من الإهتمام بشبكات الطرق ورصفها وإنشاء السكك الحديدية ووسائل الإتصال ووو وإن كان في معظمها تعود فائدتها –في المقام الأول- على المستعمر من تيسيير إقامته وبسط نفوذه ...ولا ننسى في هذا المقام المحور الإعلامي والفكري فهو قاعدة الغزو الأوروبي المعاصر وخصوصا مع تقدم وتطور الآلة الإعلامية المذهل في مخاطبة الجماهير رجالا ونساءا وأطفالا وهم في بيوتهم...( «...ثم فتنة لا تدع بيتاً من العرب إلا دخلته...رواه البخاري »)!! والقدرة على توجيه الرأي العام وتهيئته لكل المراحل المتتابعة لتثبيت قواعد الدين المبدل الجديد ! وهناك الكثير من المحاور والمنجزات الأخرى ولكن نكتفي بهذا القدر الذي يوضح لنا الهدف المقصود ....
عهد الإستقلال الوهمي
ومع مرور الوقت والأعوام بدأت هذه الإنجازات تنتج ثمارها النكدة ، طبقة ، بل طبقات من المثقفين هم من جلدتنا ويتكلمون بألسنتنا عقولهم عقول الغرب وقلوبهم قلوب الذئاب والشياطين وجهتهم الحضارة الغربية حلوها ومرها طيبها وعفنها صحيحها وسقيمها وولاؤهم للرجل الأوروبي أينما كانت وجهته ، وأصبحت هذه الطبقات هي الحارسة لهذا الإحتلال ويده في تنفيذ مخططاته ! فمنها تكونت المؤسسة العسكرية والأمنية الوطنية !! ومنها تكونت الأحزاب الوطنية !! والمجالس النيابية والوزارات ولعبة الإنتخابات وسيناريوهات العمل السياسي ومنها تكونت الطبقة الإعلامية والفنية الوطنية!!، ومنها تكونت غالبية الهيئات القضائية ، ومنها تكونت غالبية المفكرين والمثقفين والكتاب والمعلمين بل والدعاة باسم هذا الدين ..الدين المُبدّل الجديد ، ومنهم الكثيرون الذين تولوا كافة المناصب القيادية في شتى المؤسسات ومنهم ومنهم ومنهم وظل هذا البناء الخبيث يكتمل شيئا فشيئا في جسد المجتمع في الوقت الذي أصبح فيه الدين الجديد المُبدّل واقعا يحياه الناس تحت مظلة الإحتلال وأعوانهم من الطبقات المصنوعة ، فإذا ظهر في الأفق أي محاولة لإيقاظ الناس من هذه الغفلة وتنبيههم لهذه الجريمة ، جريمة تغيير دين الله وتبديلة .. ووجهت بحملات من التشويه والشيطنة والسخرية والسباب من قبل جميع الطبقات القائمة على هذا التغيير ، فإذا استعصت هذه المحاولات عليهم ،كانت هناك سلطة الإحتلال جاهزة للتدخل المباشر لإستئصالها من الجذور ..وظل الأمر كذلك حتى إذا اكتمل البناء وأصبح قادرا على قيادة المجتمع بقوة وتمكن وأمانه في تنفيذ مخططات الغرب ، جاء وقت الرحيل ومرحلة الإنقلابات والإستقلال !!!! ...رحيل الإحتلال وتسليم السلطة للوكلاء والعملاء وسط مشاعر البهجة والسرور ومظاهر الإحتفالات !!! فالإحتلال في هذه المرحلة لم يعد ضروري بل مكلفا اقتصاديا ومعنويا ، يكفي الإحتفاظ بالمستشاريين للنواحي الفنية من الخطة وللأوقات الطارئة ...أما السلطة الوطنية والتي ستتطور فيما بعد لتشمل الأحزاب المعارضة والتي هي من صميم السيناريو المطلوب لتجميل وجه الحكم ، فهي الآن لها الصلاحية الكاملة لتنفيذ المخطط بوتيرة أسرع وخطى ثابتة لأنها حكومة وطنية دستورية غير مشكوك في نواياها !!! وتحمل أسماء إسلامية وتتزين ببعض المظاهر الإسلامية ومن ثم لها حق السمع والطاعة مهما بدى من ولائها الأوروبي وسلوكها الغربي ، فلا يضر مع الإسلام معصية أيا كانت هذه المعصية كما يقول الفكر الإرجائي المعاصر والذي يُعتبر جوهر الدين الجديد المُبدّل !!!


يتبع..
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
Taheer




المساهمات : 24
السٌّمعَة : 0
تاريخ التسجيل : 18/02/2020

الدين المُنزّل والدين المُبدّل وحقيقة الصراع بينهما Empty
مُساهمةموضوع: رد: الدين المُنزّل والدين المُبدّل وحقيقة الصراع بينهما   الدين المُنزّل والدين المُبدّل وحقيقة الصراع بينهما I_icon_minitimeالأربعاء فبراير 19, 2020 12:11 pm

ظهور التيارات والجماعات الإسلامية
ذكرنا فيما سبق أن أول عروة نقضت من هذا الدين هو الحكم تصديقا لنبوءة الرسول صلى الله عليه وسلم { عن أبي أمامة الباهلي  عن النبي ﷺ أنه قال: لتنقضن عرى الإسلام عروة عروة، فكلما انتقضت عروة تشبث الناس بالتي تليها، وأولهن نقضا الحكم، وآخرهن الصلاة اهـ أخرجه الإمام أحمد في مسنده، والطبراني في المعجم الكبير، وابن حبان في صحيحه بإسناد جيد}...وقد حدث ذلك عند انفصام الخلافة - وهي النظام السياسي للحكم في الإسلام- عن منهاج النبوة واستبدالة بنظام التوريث فانفتح الباب شيئا فشيئا على كل مظاهر الضعف والوهن والإنحراف والفرقة من القمة إلى القاعدة وأصبحت الأمة رهنا للقيادة فإذا ورثت الأمة قيادة قوية تقية انعكس ذلك عليها وإن ورثت قيادة ضعيفة منحرفة انعكس ذلك أيضا على الأمة بانتشار الفساد والمعاصي والإنحلال والفوضى واشرأبت رؤؤس الكفر والنفاق وكثرت البدع وظهرت وأعلنت وحورب أهل السنة والجماعة وتخلف الغزو والجهاد من أجل نشر دين الله ورفع رايته وحكمه على الأرض لتحقيق العدل ومحق الظلم بين الناس وأصبحت البلاد مطمعا للأعداء المتربصين من الداخل والخارج وهذا ما حدث تماما مع الغزو الصليبي والتتري وما صاحبه من بلاء ودمار عم البلاد كلها وانقسمت الأمة إلى دويلات ولم يبق من الخلافة إلا اسمها فقط واستمر الحال إلى مجيءالحكم والخلافة العثمانية فبعث أمل جديد في الأمة بما تحمله الخلافة العثمانية من قوة وشكيمة وحسم في مواجهة الأعداء وعاطفة واعتزاز بهذا الدين ، ولكن سرعان ما خفت هذا الأمل عندما وضح بجلاء انحراف هذه الخلافة عن عقيدة ومنهج أهل السنة والجماعة وطريق السلف الصالح وسنة رسول الله صلى الله عليه وسلم وخصوصا في نظام الحكم أي الخلافة على منهاج النبوة ففتحت الأبواب على مصراعيها للفرقة والتفكك وكل عوامل الفساد وأبرزها فساد العقيدة لتبني آل عثمان للإتجاهات الصوفية بعقائدها الإرجائية المنحرفة والتي بدورها مهدت الطريق لتبديل الدين والشريعة وإحلالها بالقوانين والأنظمة الوضعية الأوروبية تدريجيا فوجد الغرب وخصوصا القوى اليهودية الفرصه متاحة للتغلل البطيء في مركز الخلافة ومؤسساتها وكان هذا بالتزامن مع الغزو الغربي للبلاد الإسلامية والذي بدأ بأطراف الخلافة ثم امتد إلى القلب ،وحديث رسولنا الكريم يعبر بدقة عن هذه الفترة الحرجة التي مرت بها الأمة المسلمة ................. عن ثوبان رضي الله عنه قال: قال رسول الله – صلَّى الله عليه وسلَّم -: «يُوشِكُ الأُمَمُ أَنْ تَدَاعَى عَلَيكُمْ كَمَا تَدَاعَى الأَكَلَةُ إِلَى قَصْعَتِهَا». فقال قائل: ومِن قلَّةٍ نحن يومئذٍ؟! قال: «بَلْ أَنتُمْ يَومَئِذٍ كَثِيرٌ، وَلَكِنَّكُمْ غُثَاءٌ كَغُثَاءِ السَّيْلِ، وَلَيَنْزِعَنَّ اللهُ مِنْ صُدُورِ عَدُوِّكُمْ المَهَابَةَ مِنكُمْ، وَلَيَقذِفَنَّ اللهُ فِي قُلُوبِكُمُ الوَهَنَ». فقال قائل: يا رسول الله! وما الوَهَن؟ قال: «حُبُّ الدُّنيَا وَكَرَاهِيَةُ المَوتِ». أخرجه أبو داود (4299) وأحمد (37/82) بإسناد جيّد.
اتفق غالبية المفسرين المعاصرين على أن تأويل هذا الحديث ينطبق على وقتنا المعاصر أثناء وخلال سقوط الخلافة العثمانية وكان من نتائجها اتفاقية سايكس وبيكو التي قسمت المنطقة والبلاد الإسلامية إلى دويلات تكالبت وتداعت عليها الأمم الأوروبية أنجلتر وفرنسا (نصيب الأسد)وإيطاليا والبرتغال وهولاندا وروسيا و و ...ولم يحدث في تاريخ الإسلام تكالب للأمم على العالم الإسلامي كما حدث في وقتنا المعاصر ، ففي الحملات الصليبية الأولى اشتركت مجموعة من الدول الأوروبية على غزو الشام فقط للسيطرة على بيت المقدس ، والغزو التتري كان من قبل أمة واحدة فقط أمة التتار على ديار الإسلام ولكن سرعان ما انتهت بهزيمتهم ودخولهم في الإسلام كما ذكرنا من قبل ، فلم يبق إلا تاريخنا المعاصر المؤول لهذا الحديث والله أعلم ..وسبب هذا البلاء يفسره قوله – صلَّى الله عليه وسلَّم -: «إِذَا تَبَايَعْتُم بِالْعِينَةِ، وَأَخَذْتُم أَذْنَابَ الْبَقَرِ، وَرَضِيتُم بِالزَّرْعِ، وَتَرَكْتُمُ الجِهَادَ سَلَّطَ اللهُ عَلَيكُم ذُلاًّ لاَ يَنزِعُهُ حَتَّى تَرْجِعُوا إِلَى دِينِكُمْ» [رواه أبو داود (3464) عن ابن عمر، وهو حديث صحيح بطرقه. انظر «الصحيحة» (11)].
من هذين الحديثين يمكننا أن نلقي الضوء على واقعنا المعاصر ونفهمه فهما جيدا ، فخطاب الرسول صلى الله عليه وسلم للصحابة الكرام بضمير المخاطب بالرغم من أنه يتكلم عن أناس في المستقبل في عالم الغيب كأنما الصحابة هم هؤلاء القوم المخاطبون بهذين الحديثين فما الذي يعنيه هذا ،..ربما والله أعلم أن هؤلاء الناس برغم ما هم فيه من مهانة وذل وهزيمة وضياع ، هم امتدادا لأمة الإسلام وأن الخير ما زال قائما فيهم ولو كان قليلا وأن ماهم فيه من البلاء هو عقاب من الله لن ينزعه عنهم حتى يرجعوا إلى دينهم وعقيدتهم ومنهجهم وجهادهم الذي كان عليه الصحابة الكرام المخاطبون بهذين الحديثين ...فالأمة الإسلامية لم تنقطع حكما (من حيث الحكم الشرعي ) ولكنها انقطعت حقيقة من حيث الواقع المؤثر والفعال!! .. فعندما سقطت الخلافة وقسمت البلاد ووقعت تحت الإحتلال الغربي الصليبي اليهودي ، فقد المسلمون سلطانهم على أنفسهم وعلى بلادهم ومن ثم لم تعد كلمة الله بمعنى شريعته ونظامه هو الأعلى وهو المحكم في البلاد بل أصبحت شريعة الغرب ( الكفر والإلحاد ) ونظامه وقانونه وسياسته وثقافته وفنونه وآدابه هو الأعلى وهو المحكم في هذه البلاد وأصبح الإسلام الجديد المُعدّل والمُبدّل الذي وضعه لنا المستشرقون الغرب بمساعدة عملائهم وشياطينهم في المنطقة هو المعين وهو المرجع الذي استقى منه المسلمون وأبناؤهم كل ما يعلمونه عن هذا الدين !! ومن ثم تربت الأجيال وكذلك ما يسمونه هم برجال الدين الإسلامي في أحضان هذا الإحتلال الغربي بعيدة عن حقيقة الإسلام و النبع الصافي والمعين الحي لأصل هذا الدين ، جيل الصحابة الكرام وأهل السنة والجماعة ( الفرقة الناجية كما يسميها رسول الله صلى الله عليه وسلم ) ومن ثم أصبح الإسلام الحقيقي الأصلي غريبا في هذا الواقع..غريبا في تصوراته ومفاهيمه ..غريبا في نظامه ومنهجه ..غريبا في أحكامه الشرعية ..غريبا في آدابه وأخلاقه ..غريبا في كل شيء وصدق رسول الله صلى الله عليه وسلم حيث قال هذا الحديث الذي رواه مسلم (145) عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ( بَدَأَ الإِسْلامُ غَرِيبًا ، وَسَيَعُودُ كَمَا بَدَأَ غَرِيبًا ، فَطُوبَى لِلْغُرَبَاءِ ) . 
وإزاء هذا الواقع المرير ومشاعر الإحباط التي عمت المسلمين ، كان هناك ردة فعل لدى الغيورين منهم فبدأ ظهور الصحوة والتيارات الإسلامية ولكنها كانت تواجه تحديات جسام ...تحديات الماضي وما يحمله من انحرافات عقائدية ومنهجية تجزرت في واقع المسلمين في الماضي القريب يتحمل وزرها أصحاب البدع وخصوصا عقيدة الإرجاء ..وتحديات الحاضر المتمثل في سلطة الإحتلال الغربي وعملائه ومنافقيه والذين كان هدفهم الأول هو الحيلولة دون ظهور صحوة إسلامية قائمة على حقيقة هذا الدين إما بالقضاء عليها مبكرا وتشويه صورتها وطمس معالمها أو اختراقها وتغيير مسارها بتبني الإسلام الجديد المعتدل والمقبول عالميا والمتجاوب مع النظام العالمي الجديد !!! وفي مواجهه هذه التحديات سقطت معظم التيارات الإسلامية المعاصرة لأنها انطلقت من عقيدة ملوثة بالفكر الإرجائي والذي يقبل المداهنه في الدين وأنصاف الحلول والإلتقاء في منتصف الطريق والقبول بالآخر والتكيف مع الواقع الجاهلي ولا يجد حرجا في التنازل عن الثوابت ما دام الإيمان لا يضره معصية والإسلام لا ينقضه ناقض وظلت هذه التيارات تدور في حلقة مفرغة من الشد والجذب والمهادنة والمصالحة مع الأنظمة الغربية في المنطقة وتدور معها الآمال المعقودة لدى الجماهير المسلمة حتى تقبل بالبديل الوحيد المتاح المسالم والمأمون العواقب وهو الإسلام المُبدّل !!!


يتبع..
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
Taheer




المساهمات : 24
السٌّمعَة : 0
تاريخ التسجيل : 18/02/2020

الدين المُنزّل والدين المُبدّل وحقيقة الصراع بينهما Empty
مُساهمةموضوع: رد: الدين المُنزّل والدين المُبدّل وحقيقة الصراع بينهما   الدين المُنزّل والدين المُبدّل وحقيقة الصراع بينهما I_icon_minitimeالأربعاء فبراير 19, 2020 12:12 pm

إضفاء الشرعية على(شرعنة) الدين الجديد (المُبدّل)
ولكي يكون هذا الدين الجديد المُبدّل مقبول لدى الجماهير المسلمة وله ثقل في واقعهم لابد أن يكون مؤصلا وله سند شرعي وهذا الدور دور خطير بل هو أهم دور في الخطة كلها ولهذا كان له رجاله أيضا الذين تم إعدادهم بل صناعتهم على أكمل وجه.
1- صناعة العملاء 
برعت الأنظمة الغربية – كما ذكرنا من قبل- في صناعة العملاء والوكلاء والموالين لها من أبناء البلاد الخاضعة لسلطانها منذ زمن حتى ربما قبل أن تطىء أقدامهم المنطقة ولكي تكون صناعة جيدة تكفلوا بتعليمهم وتربيتهم وصياغة عقولهم بما يضمن لهم نجاح الخطة ولا مانع من التزين بالمظاهر الإسلامية بل ربما هو سمت وشكل مطلوب لجدية الدور المطلوب وكان هذا بالنسبة لكل المؤسسات الدينية من وزارة الأوقاف والشئون الدينية وشئون الأزهر ورموز المجتمع في الفكر الديني في الإعلام وغيرهم وغيرهم فهؤلاء جميعا قاموا بدورهم وساهموا في بناء الغطاء الشرعي وإعطاء السند الشرعي لهذا الدين الجديد ....ولكن نظرا لأن هؤلاء يمثلون المنظومة الرسمية للمجتمع التي ربما لا تكون مقنعة لكثير من الفئات فكان لا بد من منابر أخرى وأبواق مختلفة لمخاطبة هذة الفئات ... فكان لا بد من صناعة الخصوم
2- صناعة الخصوم 
وهي أيضا ميزة تميز بها التخطيط الغربي وتفوقت بها الحضارة الغربية فالخصوم يقصد بهم المعارضين للإحتلال وللوجود الغربي وللحضارة الغربية لا بد أن يتواجدوا في كل بيئة وكل بلد تحت سلطان الإحتلال وهي ظاهرة طبيعية فإذا استبقوا الأحداث وتم صناعتهم بولاء كامل لأسيادهم وأدوا دورهم كمعارضين في سيناريو الأحداث فقد استغلوا هذه الظاهرة الطبيعية لحسابهم وقطعوا الطريق على المعارضة الحقيقية بل يصبحون قادرين على اختراقها أيضا فتكون خيوط الأحداث وردود الفعل أيضا في أيديهم وهذا قد تم في كافة مؤسسات المجتمع الرسمية منها وغير الرسمية وقد تم أيضا في المؤسسات الدينية المنوط بها تنفيد الخطة ، فيقوم أحدهم – على سبيل المثال- بدوره كداعية مستقل ينتمي للتيارات الإسلامية المعارضة للإحتلال والتغريب ويكون قد سلطت الأضواء عليه إعلاميا وفكريا كوجه من أوجه المعارضة فيصبح مقبولا فكريا ودعويا عند كثير من المسلمين الذين يتشككون في المؤسسات الرسمية ورموزها وعن طريق هذا الداعية الإسلامي المعارض المقبول والموثوق به شعبيا يقومون بتثبيت وتدعيم وإعطاء الشرعية لتصورات ومفاهيم وصورة الدين الجديد المُبدّل ......
 وسائل إضفاء الشرعية على الدين المُبدّل 
ذكرت فيما سبق أن جريمة تبديل دين الله وتحريفة جريمة قديمة قدم الإنسان على هذه الأرض ولقد حذر الله سبحانه وتعالى بني آدم من الوقوع فيها ومن مقدماتها وعدّها من الكبائر التي تضاهي الشرك والكفر{ (قُلْ إِنَّمَا حَرَّمَ رَبِّيَ الْفَوَاحِشَ مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَمَا بَطَنَ وَالْإِثْمَ وَالْبَغْيَ بِغَيْرِ الْحَقِّ وَأَن تُشْرِكُوا بِاللَّهِ مَا لَمْ يُنَزِّلْ بِهِ سُلْطَانًا وأَن تَقُولُوا عَلَى اللَّهِ مَا لَا تَعْلَمُونَ ) الأعراف :33 } ولكن شياطين الجن يؤازرون إخوانهم الأنس في الغي واتباع الهوى والتحايل على دين الله فيستخدمون شتى الوسائل من أجل تنفيذ هذه الجريمة مع كل دين نزل من عند الله ( كما وضحنا ذلك في المقدمة التاريخية ) وهي نفسها الوسائل المستخدمة مع دين الإسلام دين الله الأخير للبشرية جمعاء ولكنها تختلف في الصورة وفي العرض( الشكل ) فالبشر هم البشر والوحي الشيطاني هو الوحي الشيطاني والهدف ثابت لم يتغير بعد ....وهو العبث وإفساد كل وسائل حفظ الدين فوق التحريف والتشكيك في نصوصها وهي كذلك تعتبر إتساع لزاوية الإنحراف الذي بدأه أصحاب البدع المختلفة على مدار التاريخ الإسلامي منذ مئات من السنين ....وهذه بعض الأمثلة لهذه الوسائل لتوضيح هذا الأمر وليست للحصر فالموضوع أكبر من هذه الوريقات وله مجاله في العلم ....
 أ- النص : 
في إحدى مؤتمرات مجمع الأديان قال بابا الفاتيكان إن المشكلة التي يواجهها المسلمون هو أنهم يتعاملون مع نصوص القرآن أنها نصوص مقدسة .....وهو بهذا قد أصاب مربط الفرس كما يقولون في الأمثال لأن التعامل مع القرآن أو السنة كنصوص مقدسة ملزمة بلا تحريف ولا تأويل فاسد ولا ولا.. سوف يقطع عليهم الطريق ..طريق خطة تبديل الدين الإسلامي كما بدلوا دين اليهود والنصارى من قبل ، فالنص القرآني والسنة قد حفظهما الله لنا متناً ومعنىً بكل وسائل الحفظ التي ذكرناها من قبل وهذا يغلق عليهم الطريق أيضا لتحريف النصوص كما حرفوا كتبهم السابقة فكان عليهم أن يحرفوا المعنى بطرح قضايا ومقولات تمهد لذلك وتسلط الضوء عليها حتى تتأصل في عقول المسلمين عامتهم وعلمائهم وتكون قاعدة ومعبر لتغيير المعنى ومن ثم تغيير الدين وتبديله :
- قضية النص والعقل أيهما نتبع عند التعارض : فقد حدث فيها لغوا كثير وزخما فكريا وكتبت فيها كتب ومقالات بالرغم من أنها قضية بديهية فالنص وهو يمثل وحي الله وهداه إلى البشرية فهو منوط به هداية العقول ، فالعقل اذن تبعا للنص الصحيح والمعنى الصحيح ، ولكن الغرض من اثارة هذه القضية هو العكس تقديم العقل على النص والوحي ليقوده فيفتح الباب لتغيير المعنى وتبديله ومن ثم تبديل الدين.
- قضية هم رجال ونحن رجال : ويقصد بها السلف الكرام أي الصحابة والتابعين في القرون المفضلة وإذا كانوا هم رجال ونحن رجال اذن ليست هناك ضرورة للإلتزام بفهم السلف الصالح للقرآن والسنة ، والقرآن حمّال أوجه (كما قال علي رضي الله عنه عندما أوصى عبد الله بن عباس لما ذهب لمجادلة الخوارج بألا يجادلهم بالقرآن وحده) فيأخذون الوجه الذي يتمشى مع هواهم وغرضهم بصرف النظر عن معارضته للأصول ولأقوال السلف الصالح وهذا ايضا يفتح الباب لتغيير المعنى ومن ثم تغيير الدين وتبديله وهذا هو الهدف الذي يسعى إليه دعاة التجديد.
- مقولة الواقع متغير عن واقع السلف الصالح والظروف قد تبدلت تماما في وقتنا المعاصر : هذه مغالطة وتلبيس ابليس وتزوير فالإسلام دين الله الأخير للبشرية أنزله بعلمه الذي أحاط بكل شيء والذي خلق الإنسان على هيئته منذ آدم عليه السلام وخلق الكون على الدوام ، فهذا الدين يشمل تصورات ومفاهيم وقيم ثابتة لا تتغير بتغير الزمان وشريعة تحكم الحياة في كل مجالاتها وفي كل أطوارها وأزمانها لأنها تحوي الآلية التي تتعامل مع المتغيرات والمستجدات كما ذكرنا ذلك من قبل في التعريف بأصول الفقه وكما سنذكر بعد قليل وهذه المقولة من قبل التيارات التي تتبنى الخطاب الديني الجديد مشابهة لمقولة الإتجاهات العلمانية والليبرالية والذين يريدون فصل الدين عن الواقع بحجة تغير الواقع الحاضر عن الماضي الذي كان يحكم بهذا الدين ...تشابهت قلوبهم وربما نواياهم!!!
- الترويج لمقولة صعوبة إتفاق علماء المسلمين على أحكام الشريعة وعلى الكثير من القضايا : ويضربون المثل باختلاف المذاهب الأربع في معظم القضايا الشرعية ويرتبوا على ذلك أن هذا الإختلاف يجعل المجتمع والسلطة في حل من هذا كله ولهم حق الإجتهاد في مواجهة الواقع الجديد وما يحتاجه من نظام وتشريع وبهذا تفتح الأبواب أمامهم لوضع أسس النظام الجديد والدين الجديد.....وهذا تضليل وتلبيس للحقائق فقد ذكرنا في فصل وسائل حفظ الدين وشرائعه إجماع علماء المسلمين أهل السنة والجماعة على أصول هذا الدين وشرائعه الأساسية التي تنزلت مع هذا الدين فلا مجال للإختلاف فيها مطلقا ومن شذ عن هذا الإجماع فلا عبرة به ولا قيمة فهذه الأصول والثوابت هي أساس المجتمع المسلم وهي التي تميزه عن بقية المجتمعات الجاهلية ، أما المسائل الفرعية والمتغيرات فهي مجال لإختلاف الآراء وتعتبر ميزة وسعة للنظام الإسلامي ورحمة بالمسلمين تحسب للدين الإسلامي والمجتمع الإسلامي المتعدد الأجناس والذي يجمع بين هذا كله بما لا يخل بالهوية الإسلامية لهذا المجتمع .
- ترويج الأحاديث الضعيفة والموضوعة : دأب أصحاب البدع والإنحرافات على وضع الأحاديث لتؤصل انحرافاتهم الفكرية وتقوي موقفهم أمام خصومهم أهل السنة والجماعة ، والدين الجديد المبدل ما هو إلا امتداد لهذه البدع واتساع لزاوية الإنحراف وترجمة لها في واقع المسلمين ، فكان لابد من ترويج هذه الأحاديث ، بل محاولة وضع أحاديث جديدة لتثبيت دعائم هذا الدين الجديد .
- الإعتماد على مراجع علماء أصحاب البدع والإنحرافات أو التدليس والتلاعب في الإستشهاد بعلماء أهل السنة والجماعة : وهذه امتداد للنقطة السابقة فالدين الجديد كما هو في حاجة لثبيت دعائمة بالنص كذلك علماء الدين الجديد وفقهاؤه في حاجة إلى علماء من القرون الأولى للإسلام لتأصيلة وإعطائة مصدقية أمام الجماهير فلم يجدوا غير علماء (مجهولين متروكين )من أصحاب البدع والإنحرافات ليستشهدوا بهم فى كتبهم وخطابهم الإعلامي هذا فوق محاولاتهم التلاعب بكلام السلف الصالح معتمدين على جهل عموم المسلمين .
- ظهور الجماعات المنكرة للسنة والتي تنبأ بها الرسول صلى الله عليه وسلم ، عَنِ الْمِقْدَامِ بْنِ مَعْدِي كَرِبَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ ، قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : " أَلا إِنِّي أُوتِيتُ الْكِتَابَ وَمِثْلَهُ مَعَهُ ، أَلا إِنِّي أُوتِيتُ الْقُرْآنَ وَمِثْلَهُ مَعَهُ ، أَلا يُوشِكُ رَجُلٌ شَبْعَانُ عَلَى أَرِيكَتِهِ ، يَقُولُ : عَلَيْكُمْ بِالْقُرْآنِ فَمَا وَجَدْتُمْ فِيهِ مِنْ حَلالٍ فَأَحِلُّوهُ ، وَمَا وَجَدْتُمْ فِيهِ مِنْ حَرَامٍ فَحَرِّمُوهُ ، أَلا لا يَحِلُّ لَكُمْ لَحْمُ الْحِمَارِ الأَهْلِيِّ وَلا كُلِّ ذِي نَابٍ مِنَ السَّبُعِ " . حديث صحيح ، فالسنة هي شرح قولي وفعلي للقرآن وبيان له بأمر من الله لرسوله ، فإنكار السنة والتذرع بالإكتفاء بالقرآن ما هو إلا محاولة من مخططي ودعاة الدين الجديد لفتح كافة الأبواب لمخططاتهم الهدامة والعبث بكتاب الله وآياته لأن السنة هي التي تبين وتشرح كتاب الله القرآن الكريم قال الله تعالى في محكم آياته {(وَمَا أَنزَلْنَا عَلَيْكَ الْكِتَابَ إِلَّا لِتُبَيِّنَ لَهُمُ الَّذِي اخْتَلَفُوا فِيهِ ۙ وَهُدًى وَرَحْمَةً لِّقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ) النحل :64 } .
ب- العبث في قواعد أصول الفقه : 
ذكرنا فيما سبق جهود علماء أهل السنة والجماعة في وضع علوم أصول الفقه والذي يعتبر عمودا مهما من أعمدة حفظ الشريعة وقدرتها على مواجهة المتغيرات بما لا يخل بأصول هذا الدين وشرائعه وأحكامه ، فكان لابد لسدنة الدين الجديد من التلاعب في قواعد أصول الفقه لبناء دينهم الجديد وهذه بعض صور لهذا التلاعب :
• التشكيك في إعتبار إجماع الصحابة أحد مصادر التشريع : فإجماع الصحابة رضوان الله عليهم أو إجماع علماء أهل السنة والجماعة أمر معتبر في أصول الفقه وفي كافة المسائل الشرعية ، وهذا التشكيك في هذا المصدر هو نسف للآلية التي يتم التعامل بها مع المتغيرات وفتح الأبواب للأهواء والبدع وهذا هو المخطط له وعلى هذا الأساس يتم التشكيك وهدم كل ما تم الإجماع عليه من تحديد مفهوم الإيمان وحقيقته وأنه نية وقول وعمل ، وحقيقة الإسلام ونواقضه وحكم كفر تارك الصلاة والمرتد وأحكامه وقتال المرتدين والخلافه وأحكامها والجهاد وأحكامه وغيرها الكثير والكثير.
• التأويل الفاسد : وهو صرف الكلام عن ظاهره إلى ما يخالف ظاهره بغير دليل من الكتاب والسنة وبما لا تحتمله معاني اللغة العربية ، بل بالرأي والهوى 
وقد بين علماء الإسلام خطورة التأويل الفاسد في مصنفاتهم، ليحذره المسلمون أشد الحذر، ومن ذلك قول العلامة ابن القيم رحمه الله تعالى حيث يقول: فَأَصْلُ خَرَابِ الدِّينِ وَالدُّنْيَا إنَّمَا هُوَ مِنْ التَّأْوِيلِ الَّذِي لَمْ يُرِدْهُ اللَّهُ وَرَسُولُهُ بِكَلَامِهِ وَلَا دَلَّ عَلَيْهِ أَنَّهُ مُرَادُهُ، وَهَلْ اخْتَلَفَتْ الْأُمَمُ عَلَى أَنْبِيَائِهِمْ إلَّا بِالتَّأْوِيلِ؟ وَهَلْ وَقَعَتْ فِي الْأُمَّةِ فِتْنَةٌ كَبِيرَةٌ أَوْ صَغِيرَةٌ إلَّا بِالتَّأْوِيلِ؟ فَمِنْ بَابِهِ دَخَلَ إلَيْهَا، وَهَلْ أُرِيقَتْ دِمَاءُ الْمُسْلِمِينَ فِي الْفِتَنِ إلَّا بِالتَّأْوِيلِ؟ وَلَيْسَ هَذَا مُخْتَصًّا بِدِينِ الْإِسْلَامِ فَقَطْ، بَلْ سَائِرُ أَدْيَانِ الرُّسُلِ لَمْ تَزَلْ عَلَى الِاسْتِقَامَةِ وَالسَّدَادِ حَتَّى دَخَلَهَا التَّأْوِيلُ، فَدَخَلَ عَلَيْهَا مِنْ الْفَسَادِ مَا لَا يَعْلَمُهُ إلَّا رَبُّ الْعِبَادِ. . إعلام الموقعين عن رب العالمين (4/ 192 ( ، وقال ابن أبي العز في شرحه للطحاوية: وهذا الذي أفسد الدنيا والدين، وهكذا فعلت اليهود والنصارى في نصوص التوراة والإنجيل، وحذرنا الله أن نفعل مثلهم، وأبى المبطلون إلا سلوك سبيلهم، وكم جنى التأويل الفاسد على الدين وأهله من جناية، فهل قتل عثمان رضي الله عنه إلا بالتأويل الفاسد ! وكذا ما جرى في يوم الجمل ، وصفين ، ومقتل الحسين رضي الله عنه ، والحرة ؟ وهل خرجت الخوارج ، واعتزلت المعتزلة ، ورفضت الروافض ، وافترقت الأمة على ثلاث وسبعين فرقة ، إلا بالتأويل الفاسد. شرح العقيدة الطحاوية ( 184). ولذلك وضع العلماء شروطاً للتأويل الصحيح وأجمعوا عليها ، ومما ذكروه في ذلك:
1 - أن يكون المُؤَوِل من العلماء الذين بلغوا رتبة الاجتهاد، الذين يدركون المعاني الشرعية، والمتضلعين في لغة العرب التي نزل بها القرآن وجاءت بها السنة.
2- أن يكون اللفظ مما يقبل التأويل أصلا فلا يكون نصا.
3- أن يكون اللفظ محتملا للمعنى الذي يؤول إليه، وأن يكون احتمال اللفظ له على أساس من وضع اللغة، أو عرف الاستعمال، أو مما عرف من استعمال القواعد الشرعية كنحو تخصيص عام أو تقييد مطلق.
4- أن يقوم التأويل على دليل صحيح قوي يؤيده من الكتاب او السنة. 
5- ألا يعارض التأويل نصوصاً صريحة قطعية الدلالة في التشريع..وهذا موضوع مهم وكبيروله تفاصيل كثيرة ليس هذا مقامها .
• ضرب المحكم بالمتشابة : وهو عكس القاعدة الفقهية للتوفيق بين النصوص ، فإذا تعارض نصان أحدهما محكم والآخر متشابه يتم التعامل على أساس فهم المتشابه طبقا للنص المحكم ولا يجوز استخراج أحكام من النصوص المتشابهة فقط ، أما دأب أصحاب البدع وكذلك أحفادهم من دعاة الدين المُبدّل فهو إتباع المتشابة ابتغاء الفتنة والتضليل وتأصيل الدين الجديد {(هُوَ الَّذِي أَنْزَلَ عَلَيْكَ الْكِتَابَ مِنْهُ آيَاتٌ مُحْكَمَاتٌ هُنَّ أُمُّ الْكِتَابِ وَأُخَرُ مُتَشَابِهَاتٌ فَأَمَّا الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ زَيْغٌ فَيَتَّبِعُونَ مَا تَشَابَهَ مِنْهُ ابْتِغَاءَ الْفِتْنَةِ وَابْتِغَاءَ تَأْوِيلِهِ وَمَا يَعْلَمُ تَأْوِيلَهُ إِلَّا اللَّهُ وَالرَّاسِخُونَ فِي الْعِلْمِ يَقُولُونَ آمَنَّا بِهِ كُلٌّ مِنْ عِنْدِ رَبِّنَا وَمَا يَذَّكَّرُ إِلَّا أُولُو الْأَلْبَابِ )آل عمران : 7 }
• المصالح المرسلة : وهي ليست مصدر أساسي من مصادر التشريع ولكي تكون مصلحة معتبرة شرعا لابد ألا تتعارض مع مصادر التشريع القرآن والسنة والإجماع أما إطلاق المصلحة بلا ضوابط أو قيود بحيث إذا ظن أي إنسان أو جماعة مصلحة في أمر ما بدأوا في لي أعناق النصوص واتباع المتشابه منها والتأويل الفاسد لتبرير هذه المصلحة وإعطائها الغطاء الشرعي فهذا دأب أصحاب البدع والإنحراف في التاريخ القديم والمعاصر وخصوصا مع رموز التيارات الإسلامية المعاصرة المسماة بالإسلام السياسي ( الجامية والسرورية)وأصبحت المصلحة - مجرد المصلحة المتوهمة - مصدر من مصادر التشريع بصرف النظرعن معارضته للمصادر الرئيسة للتشريع!!
• فقه التدرج والمرحلية أو فقه الواقع : هذه مصطلحات غريبة على علم أصول الفقة لم تظهر إلا في وقتنا المعاصر والذي نعرفه من ظاهر القول أن دعاتها - في معظمهم لا يملكون من أمرهم شيئا وليسوا في موضع السلطة الحقيقية-ويقصدون بكلامهم التطبيق المتدرج للشريعة مراعاة لظروف الواقع الذي غابت عنه الشريعة دهرا من الزمن ، أو بعضا منهم يعتبرون الناس يعيشون في جاهلية ويجب نقلهم أولا إلى الإسلام ومن ثم الأمر يحتاج إلى مراحل وتدرج كما حدث في بداية الإسلام(التدرج الذي حدث في بداية الإسلام كان نوعين ، من الأثقل الى الأخف كالصيام والصلاة ، ومن الأخف إلى الأثقل كتحريم الخمر ) ، وهذا كلة خلط ووهم وعدم فقه وعلم بحقيقة الإسلام وشريعته فوق أنه يفتح الأبواب أيضا لتغيير دين الله وشريعته من خلال هذه الدعوات ، فالله الذي أنزل الكتاب بعلمه منجما أي متفرقا ونقل العصبة المسلمة بوحية إلى رسوله صلى الله عليه وسلم من مرحلة إلى مرحلة لحكمة يعلمها هو - ليس لنا أن نتألى على الله فيها -حتى اكتمل هذا الدين واكتملت شريعته فقال سبحانه {( الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الْإِسْلَامَ دِينًا ) المائدة : 3 } , وكل من دخل في الإسلام بعد ذلك كان يُلزم بتطبيق الحكم الشرعي بدون أي تدرج ، ولقد أوصانا الرسول صلى الله عليه وسلم باتباعه كاملا واعتبر ذلك من خصائص الفرقة الناجية ، عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ ، قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : " تَفْتَرِقُ هَذِهِ الْأُمَّةُ عَلَى ثَلَاثٍ وَسَبْعِينَ فِرْقَةً ، كُلُّهُمْ فِي النَّارِ إِلَّا فِرْقَةً وَاحِدَةً " ، قَالُوا : وَمَا تِلْكَ الْفِرْقَةُ ؟ قَالَ : " مَا أَنَا عَلَيْهِ الْيَوْمَ وَأَصْحَابِي " . هَذَا حَدِيثٌ حَسَنٌ مَشْهُورٌ ... وهو اليوم الذي اكتمل فيه هذا الدين كما جاء في الآية الكريمة وهي من أواخر ما نزل من القرآن ، وكذلك حديث الفرق كان في أواخر حياة رسولنا الكريم صلى الله عليه وسلم والذي أخبرنا بكل ما هو آتي إلى يوم القيامة ولم يخبرنا أنه سينقص مرة أخرى ويحتاج إلى تدرج أو مرحلية ، وفوق هذا كله فكل أمر في الشريعة له شروط في تطبيقة ،فمتى لم تتوفر الشروط لا يطبق حتى تكتمل هذه الشروط ...ولو كان الأمر كما يدعون فمن سيتولى مسئولية ذلك نيابة عن الوحي بعد انقطاعة بعد آخر رسالة إلى البشرية !!! والذين تولوا السلطة من هؤلاء لم يطبقوا شيئا من الشريعة رغم مرور دهرا من الزمن !!.... 
• حرب المصطلحات : يقصد بها تغيير مفهومها تمهيدا لتمييعها ثم تغييرها في نهاية المطاف ...والأمثلة في ذلك كثيرة ...الخمور تسمى بغير اسمها مشروبات روحية ، الزنى صداقة ، العري والسفور ووو حريات شخصية ، اللواط مثلية وغير ذلك كثير والمقصود من وراء ذلك هو تمييع مفهومها وتبهيته عند الناس لإعطاء شرعية لتغيير الأحكام الشرعية الخاصة به والتسليم بالواقع القائم ... وكذلك الحركات الإسلامية المعاصرة سلكت هذا المسلك بتغيير المصطلحات مثل الديمقراطية والدولة المدنية والقبول بالآخر وو... من مفهومها العلماني اللا ديني وإعطائها مسحة إسلامية و(وميكياج إسلامي!!!) إن صح التعبير من أجل كسب ود الجماهير المسلمة وفي نفس الوقت ضمان رضا النظام العالمي العلماني الجديد ( وما زالوا يعيشون في الوهم وما يخدعون إلا أنفسهم وما يشعرون !!!) .... إن هذا الدين يوم جاء إلى هذه البشرية جاء بنظام جديد وشرع جديد له خصائصة وله مصطلحاته وله مفهومه الخاص به والذين يبدلون هذه المصطلحات ويغيرونها ويميعون مفهوما هم مشاركون في هذه الجريمة ، جريمة تبديل دين الله سواء وعوا هذا أم لم يعوه ..{( إِنَّا نَحْنُ نُحْيِي الْمَوْتَىٰ وَنَكْتُبُ مَا قَدَّمُوا وَآثَارَهُمْ ۚ وَكُلَّ شَيْءٍ أَحْصَيْنَاهُ فِي إِمَامٍ مُّبِينٍ ) يس :12}.


يتبع..
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
Taheer




المساهمات : 24
السٌّمعَة : 0
تاريخ التسجيل : 18/02/2020

الدين المُنزّل والدين المُبدّل وحقيقة الصراع بينهما Empty
مُساهمةموضوع: رد: الدين المُنزّل والدين المُبدّل وحقيقة الصراع بينهما   الدين المُنزّل والدين المُبدّل وحقيقة الصراع بينهما I_icon_minitimeالأربعاء فبراير 19, 2020 12:13 pm

الأمة الإسلامية تحت مظلة الدين الجديد المُبدّل
لقد كانت البدع والإنحرافات الفكرية التي ظهرت مبكرا في عصر الإسلام هي الصورة الصغرى لتبديل هذا الدين وتغييره ولقد حذر رسول الله صلى الله عليه وسلم منها ..، عن جابر بن عبد الله رضي الله عنهما قال : قال الرسول صلى الله عليه وسلم :كل بدعه ضلالة ، وكل ضلالة في النار) رواه مسلم . وقال الرسول صلى الله عليه وسلم : ( من عمل عملا ليس عليه أمرنا فهو رد ) أي مردود وباطل ، أخرجه مسلم. وقال صلى الله عليه وسلم : ( وإياكم ومحدثات الأمور ؛ فإن كل محدثة بدعة ، وكل بدعة ضلالة (أخرجه أبو داود (4067)... وبالرغم من أنها في ذلك الوقت كانت في معظمها تنحسر في إطار التصورات والمفاهيم النظرية ولم تنعكس على واقع المسلمين الذي كان قريبا من عهد النبوة وكان تيار أهل السنة والجماعة هو الحارس القوي لهذا الواقع ، إلا إنه مع مرور الوقت ومع انتقال هذه العدوى إلى القيادة ( فتنة خلق القرآن وتبني الخليفة العباسي لهذه البدعة الكفرية ) أعطتها قوة وزخما وفقد الواقع حصانته وبدأت عوامل الضعف والهوان والفساد والإنحلال تنخر في قاعدة الأمة الإسلامية وهي النتيجة الطبيعية المتوقعة لإنتشار هذه البدع والإنحرافات الفكرية ، فانتشارها أكسب العوامل الهدامة تلك شرعية ومرجعية وقوة على الإستمرار حتى وصل العالم الإسلامي إلى حالة من التفرق والتشرزم والتخلف أغرت أعداءه المتربصين بإنتهاز الفرصة والسيطرة عليه وإلغاء الخلافة وتفتيته إلى دويلات تقسم بينهم لضمان إحكام قبضتهم عليه وتحت مظلة سيطرة العالم الغربي على المنطقة وتنحي النظام الإسلامي والشريعة الإسلامية بدأت معالم الدين الجديد ..الدين المُبدّل تظهر في الأفق وتنبثق منه كل معالم النظام والحياة في هذه الأمة المنكوبة وفك الإرتباط بين الإسلام وبين كافة الإنظمة تحت مظلة هذا الدين الجديد .... 


يتبع..
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
Taheer




المساهمات : 24
السٌّمعَة : 0
تاريخ التسجيل : 18/02/2020

الدين المُنزّل والدين المُبدّل وحقيقة الصراع بينهما Empty
مُساهمةموضوع: رد: الدين المُنزّل والدين المُبدّل وحقيقة الصراع بينهما   الدين المُنزّل والدين المُبدّل وحقيقة الصراع بينهما I_icon_minitimeالأربعاء فبراير 19, 2020 12:14 pm

الأمة الإسلامية تحت مظلة الدين الجديد المُبدّل
لقد كانت البدع والإنحرافات الفكرية التي ظهرت مبكرا في عصر الإسلام هي الصورة الصغرى لتبديل هذا الدين وتغييره ولقد حذر رسول الله صلى الله عليه وسلم منها ..، عن جابر بن عبد الله رضي الله عنهما قال : قال الرسول صلى الله عليه وسلم :كل بدعه ضلالة ، وكل ضلالة في النار) رواه مسلم . وقال الرسول صلى الله عليه وسلم : ( من عمل عملا ليس عليه أمرنا فهو رد ) أي مردود وباطل ، أخرجه مسلم. وقال صلى الله عليه وسلم : ( وإياكم ومحدثات الأمور ؛ فإن كل محدثة بدعة ، وكل بدعة ضلالة (أخرجه أبو داود (4067)... وبالرغم من أنها في ذلك الوقت كانت في معظمها تنحسر في إطار التصورات والمفاهيم النظرية ولم تنعكس على واقع المسلمين الذي كان قريبا من عهد النبوة وكان تيار أهل السنة والجماعة هو الحارس القوي لهذا الواقع ، إلا إنه مع مرور الوقت ومع انتقال هذه العدوى إلى القيادة ( فتنة خلق القرآن وتبني الخليفة العباسي لهذه البدعة الكفرية ) أعطتها قوة وزخما وفقد الواقع حصانته وبدأت عوامل الضعف والهوان والفساد والإنحلال تنخر في قاعدة الأمة الإسلامية وهي النتيجة الطبيعية المتوقعة لإنتشار هذه البدع والإنحرافات الفكرية ، فانتشارها أكسب العوامل الهدامة تلك شرعية ومرجعية وقوة على الإستمرار حتى وصل العالم الإسلامي إلى حالة من التفرق والتشرزم والتخلف أغرت أعداءه المتربصين بإنتهاز الفرصة والسيطرة عليه وإلغاء الخلافة وتفتيته إلى دويلات تقسم بينهم لضمان إحكام قبضتهم عليه وتحت مظلة سيطرة العالم الغربي على المنطقة وتنحي النظام الإسلامي والشريعة الإسلامية بدأت معالم الدين الجديد ..الدين المُبدّل تظهر في الأفق وتنبثق منه كل معالم النظام والحياة في هذه الأمة المنكوبة وفك الإرتباط بين الإسلام وبين كافة الإنظمة تحت مظلة هذا الدين الجديد .... 


يتبع..
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
Taheer




المساهمات : 24
السٌّمعَة : 0
تاريخ التسجيل : 18/02/2020

الدين المُنزّل والدين المُبدّل وحقيقة الصراع بينهما Empty
مُساهمةموضوع: رد: الدين المُنزّل والدين المُبدّل وحقيقة الصراع بينهما   الدين المُنزّل والدين المُبدّل وحقيقة الصراع بينهما I_icon_minitimeالأربعاء فبراير 19, 2020 12:14 pm

التيارات الإسلامية تحت مظلة هذا الدين الجديد
لقد ذكرنا من قبل أن الغزو الأوروبي الحديث للعالم الإسلامي قد حمل معه سلاحا جديدا لم يكن معروفا من قبل وأشد فتكا وضراوة من كل الأسلحة قديما وحديثا !..ألا وهو الغزو الفكري والذي كان هدفه هو القضاء على أصل هذا الدين وهو التوحيد ...لا إله إلا الله المتمثلة في إعلاء كلمة الله وشريعته وحكمه على البلاد الإسلامية إما بتنحيته أو تبديله وكذلك القضاء على روح هذا الدين وهو الجهاد وبذلك يضمن السيطرة وإحكام قبضته على هذا العالم نهائيا الذي أصبح بلا أصل ولا روح ...ولكن هذه الخطة كان لها ردود فعل في واقع الأمة ، فنشأت تيارات وحركات إسلامية تقاوم هذا الغزو الفكري على كافة الأصعدة ولكن عقائد ومناهج وممارسات معظم هذه التيارات كان فيه دخن أي غبش وإنحراف عن أهل السنة والجماعة ،عن الفرقة الناجية والطائفة المنصورة ، عن حذيفة بن اليمان رضي الله عنهما أنه قال: كان الناس يسألون رسول الله صلى الله عليه وسلم عن الخير، وكنت أسأله عن الشر مخافة أن يدركني، فقلت: يا رسُول الله إنا كنا في جاهلية وشر، فجاءنا الله بهذا الخير، فهل بعد هذا الخير شر؟ قال: ((نعم)) فقلت: هل بعد ذلك الشر من خير؟ قال: ((نعم وفيه دَخَن)) قلت: وما دَخَنُه؟ قال: ((قوم يستنُّون بغير سنَّتي ويهدون بغير هديي، تعرف منهم وتُنكر)) فقلت: هل بعد ذلك الخير من شر؟ قال: ((نعم دعاة على أبواب جهنم، من أجابهم إليها قذفوه فيها))، فقلت: يا رسول الله صِفهم لنا، فقال: ((نعم ، قوم من جلدتنا ويتكلمون بألسنتنا)) قلت: يا رسُول الله فما ترى إن أدركني ذلك؟.قال: ((تلزم جماعة المسلمين وإمامهم)) فقلت: فإن لم تكن لهم جماعة ولا إمام؟ قال: ((فاعتزِل تلك الفرق كلها، ولو أن تعض على أصل شجرة حتى يُدركك الموت وأنت على ذلك)). متفق عليه ...والدخن معناه ان هذا الخير مشوب بكدريعكر صفاءه ونقاءه .. وسبب هذا الدخن –والله أعلم – أن هذه التيارات انطلقت من واقع الأمة حينذاك قبل الغزو الغربي الحديث والذي كان قد أصابه الوهن بكل صوره وانحرف عقائديا ومنهجيا بتأثير الفرق البدعية وعلى رأسها الفكر الإرجائي وكذلك الفكر الخوارجي كرد فعل مقابل ومن ثم فقد ولدت في معظمها-إلا القليل– مشوهة تحمل نفس الجراثيم التي كانت شائعة في هذه الأمة ولم تسع هذه التيارات ولم تنتبه للتخلص منها ، وفوق ذلك البلاء كانت هناك التيارات الإسلامية التي كانت مصنوعة طبقا للمواصفات ..مواصفات القوى الغربية الحاكمة للبلاد والتي أربكت الساحة تماما لكل متابع ومتأمل وراغب في الوصول إلى الحق !!! ومن ثم أصبحت معظم هذه التيارات عقبة في الطريق...!! ولا ننفي أبدا أن الكثير من أفرادها لديهم نوايا طيبة وأنهم يبذلون جهدهم بتفان وجدية وأن بعضهم يقدمون نماذج رائعة في الأداء والأخلاق الحسنة وندعوا الله أن لا يضيع أعمالهم ، ولكننا نعلم من عقيدة هذا الدين وشريعته أن النوايا وحدها لا تكفي ولكي يكون العمل( الهدف والوسائل ) صوابا ومقبولا ومباركا ومنصورا من الله لا بد أن يكون على أساس من عقيدة ومنهج أهل السنة والجماعة (الفرقة الناجية)بمعنى أن يكون موافقا لأصول هذا الدين وشريعته وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم وإلا كان ردة وانحرافا وبدعة وضلالا على حسب كل مخالفة ...هذا فوق كثير من الأمراض التي تأصلت مع الوقت ، فالشيطان لا يترك ولا ييأس من العمل حتى مع الذين يرفعون راية هذا الدين ويمضون في هذا الطريق!! فالتعصب داء خطير يمنع صاحبه –وخصوصا القيادات-من رؤية الحق والتسليم به، ولقد كان هذا الداء هو الذي عابه الله على أهل الجاهلية ومنعهم من الإسلام ( "قَالَ أَوَلَوْ جِئْتُكُم بِأَهْدَىٰ مِمَّا وَجَدتُّمْ عَلَيْهِ آبَاءَكُمْ ، قَالُوا إِنَّا بِمَا أُرْسِلْتُم بِهِ كَافِرُونَ"الزخرف :24) ، وكان نتيجتة هو الجمود والتيبس وعدم المراجعة واكتشاف الأخطاء ..وكذلك الجهل جهل الأفراد بالميزان الذي يزنون به عقيدتهم ومنهجهم ويزنون به قادتهم وموجهيهم وجهل بحقيقة الواقع المعاصر، بالرغم من أنه ليس هناك تقليد في أصول الدين وتحذير الله لنا المستمر من التبعية المطلقة والتي وردت بها آيات كثيرة في القرآن("يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُوْلِي الْأَمْرِ مِنْكُمْ فَإِنْ تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللَّهِ وَالرَّسُولِ إِنْ كُنتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ ذَلِكَ خَيْرٌ وَأَحْسَنُ تَأْوِيلًا"النساء :59) فهي طاعة مشروطة بطاعة القيادة لله ورسوله وهذا يقتضي أن يكون الأفراد على علم بهذا الدين وميزانه ، وكذلك الأحاديث (لا طاعةَ لمخلوقٍ في معصيةِ الخالقِ-صحيح الإسناد ، الإستيعاب) ، وأقوال علماء أهل السنة ( ولا تأمن على دينك الرجال...) ... فعيوب النشأة وكل هذه الأمراض تفسر لنا لماذا معظم التيارات الإسلامية عقبة في الطريق وحجاب يحجب العيون عن رؤية الحق الذي سوف يتمثل في الطائفة المنصورة التي اختارها الله من دون هذه التيارات كلها والتي وعدنا رسولنا الكريم صلى الله عليه وسلم بها ، بل سوف يصل الأمر إلى معاداتها ومخالفتها وخذلانها كما تقدم في الأحاديث الشريفه ...وهذا الأمر يذكرنا بواقع المسيح عليه السلام الذي كان يعج بحركات يهودية متعددة ومتناحرة ما بين كهنة المعبد المقدس وأحبار اليهود والذين كانوا يسعون لاختراق السلطة الرومانية وصولا إلى الحكم والسيطرة ولكن على حساب عقيدتهم ومنهجهم وشريعتهم وما بين فرسان المعبد الذين كانوا يتبنون مواجهة الرومان وجنودهم بصرف النظر عن استقامتهم على شريعتهم وأخلاقهم وبينهما تيارات أخرى كثيرة فلما جاءهم المبعوث الإلهي عيسى عليه السلام بغير ما كانوا عليه ليجمع شملهم ويصحح طريقهم خالفوه وآذوه وناصبوه العداء إلا قليلا منهم !!!...


يتبع..
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
Taheer




المساهمات : 24
السٌّمعَة : 0
تاريخ التسجيل : 18/02/2020

الدين المُنزّل والدين المُبدّل وحقيقة الصراع بينهما Empty
مُساهمةموضوع: رد: الدين المُنزّل والدين المُبدّل وحقيقة الصراع بينهما   الدين المُنزّل والدين المُبدّل وحقيقة الصراع بينهما I_icon_minitimeالأربعاء فبراير 19, 2020 12:15 pm

غربة أصحاب الدين المُنزّل تحت مظلة الدين الجديد المُبدّل
روى مسلم في صحيحه عن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: { بدأ الإسلام غريبا وسيعود غريبا كما بدأ فطوبى للغرباء } ،
وزاد جماعة من أئمة الحديث في رواية أخرى : قيل يا رسول الله من الغرباء؟ قال الذين يصلحون إذا فسد الناس ، وفي لفظ آخر: الذين يصلحون ما أفسد الناس من سنتي ، وفي لفظ آخر: هم النُزّاع من القبائل ، وفي لفظ آخر: هم أناس صالحون قليل في أناس سوء كثير...............وهذا يعني أن الأمة الإسلامية برغم إنتمائها للإسلام وهذا الدين إلا أن الإسلام بتصوراته وعقيدته وقيمه وشريعته وأحكامه سيكون غريبا على هذه الأمه لطول السنين التي عاشتها تحت مظلة الإحتلال الغربي وأحكامه وقوانينه وثقافته وفنونه وتربت أجيال تلو أجيال عشرات السنين فنشأنا جميعا في هذا المناخ الغريب بل المعادي في كثير من المجالات لهذا الدين في صورته الصحيحة كما كان على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم وصحابته الكرام في أول الأمر ولم يبق إلا القليل القليل من هذه الأمة المترامية الأطراف الذين يدركون حقيقة هذا الدين ويتمسكون به ويصلحون ما أفسد الناس من هذا الدين ومن سنة رسوله وهؤلاء هم الغرباء فينا !! فليس كل ما نحسبه غريبا على أسماعنا وأبصارنا وعقولنا من هذا الدين هو ليس من الإسلام في شيء فلسنا نحن القوامين على هذا الدين ولسنا نحن الميزان الذي نزن به الإسلام ...إنما الميزان القوام لكل ما نراه ونسمعه وكل ما نحسبه من هذا الدين أو نحسبه غريبا عن هذا الدين ،هذا الميزان هو ما حفظه لنا ربنا تبارك وتعالى فضلا منه ورحمة ( " إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ "الذاريات :9) والذكر هو القرآن الكريم الذي يحوي العقيدة والمنهج والشريعة والأحكام والقيم والأخلاق ووو ..وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم الشارحة له ، وأعمال واقوال صحابته الكرام كما ورد في حديث الفرقة الناجية السابق ذكره ( ما أنا عليه اليوم وأصحابي ) التي تعد ترجمة كاملة صحيحة أمينة لهذا الدين بعد اكتماله في واقع حياتهم ، والحديث السابق ذكره (فعليكم بسنتي وسنة الخلفاء الراشدين المهديين من بعدي عُضوا عليها بالنواجذ )... ثم من تبعهم بإحسان.. حدثني إسحاق حدثنا النضر أخبرنا شعبة عن أبي جمرة سمعت زهدم بن مضرب سمعت عمران بن حصين رضي الله عنهما يقول قال رسول الله صلى الله عليه وسلم {خير أمتي قرني ثم الذين يلونهم ثم الذين يلونهم- قال عمران فلا أدري أذكر بعد قرنه قرنين أو ثلاثا- ثم إن بعدكم(بعد هذه القرون) قوما يشهدون ولا يستشهدون ويخونون ولا يؤتمنون وينذرون ولا يفون ويظهر فيهم السمن}. 3450..البخاري.... ، وبعد هذه الوصايا كلها قال الرسول صلى الله عليه وسلم في خطبة الوداع -البخاري ( ألا هل بلغت اللهم فاشهد؟) فبعد هذا الوضوح والبيان والمحجة البيضاء التي تركنا رسول الله عليها هل لنا من عذر في هذه المتاهة التي نعيش فيها ! فهؤلاء الذين أوصانا رسول الله باتباعهم هو ما يعرف عنهم بأهل السنة والجماعة أي ما اجتمعوا عليه جميعا من عقيدة ومنهج وأحكام شرعية ، فهذا هو الميزان الذي حفظه الله لنا لنقوّم به الواقع ونحكم عليه ولنعرف أين نقف جميعا من هذا الميزان حكاما وعلماء ومحكومين ومؤسسات ومنظمات وتيارات ورايات ..إسلامية أوغير إسلامية ووو...ولا قيمة حينئذ للكثرة ولا للعدد ولا للغلبة ولا للأهواء والنزوات ("وَإِنْ تُطِعْ أَكْثَرَ مَنْ فِي الْأَرْض يُضِلُّوك عَنْ سَبِيل اللَّه إِنْ يَتَّبِعُونَ إِلَّا الظَّنّ وَإِنْ هُمْ إِلَّا يَخْرُصُونَ"الأنعام:116) ولا ما تعارفنا عليه ولا ما تعودنا عليه ولا ما نشأنا عليه ولقد حذرنا الله من التجمد والتعصب ( "قَالَ أَوَلَوْ جِئْتُكُم بِأَهْدَى مِمَّا وَجَدتُّمْ عَلَيْهِ آبَاءَكُمْ قَالُوا إِنَّا بِمَا أُرْسِلْتُم بِهِ كَافِرُونَ"الزخرف:24) وكذلك من التَقوّل علي الله بغيرعلم .( قُلْ إِنَّمَا حَرَّمَ رَبِّيَ الْفَوَاحِشَ مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَمَا بَطَنَ وَالإِثْمَ وَالْبَغْيَ بِغَيْرِ الْحَقِّ وَأَن تُشْرِكُواْ بِاللَّهِ مَا لَمْ يُنَزِّلْ بِهِ سُلْطَانًا وَأَن تَقُولُواْ عَلَى اللَّهِ مَا لاَ تَعْلَمُونَ"الأعراف:33)....وليس هناك أحد من هذه الأمة فوق هذا الميزان أيا كان مسماه وأيا كان نسبه وأيا كان علمه ومقامه وتاريخه ونواياه فميزان هذا الدين ثابت لا يتغير مع التاريخ والمكان والزمان وهو الضابط لكافة المتغيرات التي تطرأ على حياة الأمة الإسلامية ، والناس تتحدد مقاماتهم ومواقفهم حسب قربهم أو بعدهم من هذا الميزان ( "لَقَدْ أَرْسَلْنَا رُسُلَنَا بِالْبَيِّنَاتِ وَأَنْزَلْنَا مَعَهُمُ الْكِتَابَ وَالْمِيزَانَ لِيَقُومَ النَّاسُ بِالْقِسْطِ "الحديد :25)...


يتبع..
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
Taheer




المساهمات : 24
السٌّمعَة : 0
تاريخ التسجيل : 18/02/2020

الدين المُنزّل والدين المُبدّل وحقيقة الصراع بينهما Empty
مُساهمةموضوع: رد: الدين المُنزّل والدين المُبدّل وحقيقة الصراع بينهما   الدين المُنزّل والدين المُبدّل وحقيقة الصراع بينهما I_icon_minitimeالأربعاء فبراير 19, 2020 12:16 pm

الخاتمة 
  وبعد ..هذه هي حقيقة الصراع الذي نعيشه الآن نحن أمة الإسلام ونحن مقبلون على آخر الزمان أي على نهاية تاريخ الصراع ، الصراع بين الحق والباطل ، بين قوى الخير وجنوده وبين قوى الشر وجنوده...الصراع بكل ألوانه وأطيافه ، الصراع الذي يستخرج من أصحابه كل مظاهر القوة وصورها فيبتليهم الله بعضهم ببعض {(وَجَعَلْنَا بَعْضَكُمْ لِبَعْضٍ فِتْنَةً أَتَصْبِرُونَ ۗ وَكَانَ رَبُّكَ بَصِيرًا )تبارك : 20 } {(وَلَوْ يَشَاءُ اللَّهُ لَانتَصَرَ مِنْهُمْ وَلَٰكِن لِّيَبْلُوَ بَعْضَكُم بِبَعْضٍ ) محمد : 4 } فبالإبتلاء بهذا الصراع يستخرج الله مكنونات النفوس ، وتتباين حقيقة النوايا ، وتتمايز الصفوف ، وتتمحص قلوب المؤمنين ويمحق الله الكافرين {(الم، أَحَسِبَ النَّاسُ أَن يُتْرَكُوا أَن يَقُولُوا آمَنَّا وَهُمْ لَا يُفْتَنُونَ ، وَلَقَدْ فَتَنَّا الَّذِينَ مِن قَبْلِهِمْ ۖ فَلَيَعْلَمَنَّ اللَّهُ الَّذِينَ صَدَقُوا وَلَيَعْلَمَنَّ الْكَاذِبِينَ )العنكبوت : 1،2،3} والذين يتجنبون هذا الصراع المفروض علينا ويهربون من المواجهة هم واهمون لأنهم في الحقيقة قد تم أسر نفوسهم وعقولهم وواقعهم في المعسكر الآخر وسوف يحسبون عليه في نهاية الأمر ....فأصحاب الإيمان أصحاب الحق وهم القلة عددا وعدة لكن مصدر قوتهم هو ارتباطهم بخالقهم الذي بيدة الأمر جميعا {(...أَنَّ الْقُوَّةَ لِلَّهِ جَمِيعًا...) البقرة :165 } وأما أصحاب الكفر والباطل من الإنس والجن الأكثر عددا وعدة فهم كما قال الله تعالى عنهم {( وَمَثَلُ كَلِمَةٍ خَبِيثَةٍ كَشَجَرَةٍ خَبِيثَةٍ اجْتُثَّتْ مِن فَوْقِ الْأَرْضِ مَا لَهَا مِن قَرَارٍ) ابراهيم : 26 } فهم مبتورو الصلة بمصدر القوة الحقيقية في هذا الكون العظيم {(ذَٰلِكَ بِأَنَّ ٱللَّهَ مَوْلَى ٱلَّذِينَ ءَامَنُواْ وَأَنَّ ٱلْكَٰفِرِينَ لَا مَوْلَىٰ لَهُمْ) محمد : 11 } وهم كذلك لا جذور لهم في تربة الأرض ما لهم من قرار فما ينفعهم حينئذا عددهم ولا عدتهم ‘ فهم في الحقيقة مجرد أداة للإبتلاء والتمحيص (وَكَذَٰلِكَ جَعَلْنَا لِكُلِّ نَبِيٍّ عَدُوًّا شَيَاطِينَ الْإِنسِ وَالْجِنِّ يُوحِي بَعْضُهُمْ إِلَىٰ بَعْضٍ زُخْرُفَ الْقَوْلِ غُرُورًا ۚ وَلَوْ شَاءَ رَبُّكَ مَا فَعَلُوهُ ۖ فَذَرْهُمْ وَمَا يَفْتَرُونَ) الأنعام : 112 }... ومن صور هذا الإبتلاء والصراع تبديل الدين المنزل من عند الله بل هو أخبثها جميعا لأن الكفر بالله الواضح الصريح ومعاداته ومشاقة رسوله لا ينساق إليها ولا يسقط إلا القليل من المسلمين ، أما تلبيس الحق بالباطل وتبديل الدين وتغيير مظاهرالشرك بالله وتزيينها لهو الهاوية التي يقع فيها الكثير الكثير من المسلمين وهم يحسبون أنهم على شيء وأنهم يحسنون صنعا وأنهم يتخذون كافة الوسائل التي تقربهم من الله زلفى {( أَلَا لِلَّهِ الدِّينُ الْخَالِصُ ۚ وَالَّذِينَ اتَّخَذُوا مِن دُونِهِ أَوْلِيَاءَ مَا نَعْبُدُهُمْ إِلَّا لِيُقَرِّبُونَا إِلَى اللَّهِ زُلْفَىٰ إِنَّ اللَّهَ يَحْكُمُ بَيْنَهُمْ فِي مَا هُمْ فِيهِ يَخْتَلِفُونَ ۗ إِنَّ اللَّهَ لَا يَهْدِي مَنْ هُوَ كَاذِبٌ كَفَّارٌ ) الزمر : 3 }، ثم يجدون أنفسهم في نهاية المطاف وبعد فوات الأوان ملتقين مع الكافرين المشاقين لله ورسوله في نفس الطريق الذي يصلهم جميعا إلى سوء العاقبة والخسران المبين ...فالأمر اذن خطير وجد لا هزل فيه ولا تهويل ، لا بد من مراجعة كل ما نحن عليه وما نشأنا عليه وما هو عندنا من المسلمات وما توارثناه عن الأباء والأجداد فالإسلام والأيمان لا يجدي ولا ينفع فيه القليد والتبعية العمياء ، لابد من الدليل الصحيح لكل قول نقوله وكل عمل نقوم به {( قُلْ هَلْ عِندَكُم مِّنْ عِلْمٍ فَتُخْرِجُوهُ لَنَا ۖ إِن تَتَّبِعُونَ إِلَّا الظَّنَّ وَإِنْ أَنتُمْ إِلَّا تَخْرُصُونَ ) الأنعام : 148 } ، {(قُلْ هَاتُوا بُرْهَانَكُمْ إِن كُنتُمْ صَادِقِينَ ) البقرة : 110 } فها نحن يوم القيامة سنسأل عن هذا الدليل ولن ينفعنا أو يحمل عنا وزرنا من اتبعناهم بغير الدليل الصحيح من الآباء أو المشايخ أو العلماء المضلين ، بل هؤلاء جميعا {( لِيَحْمِلُوا أَوْزَارَهُمْ كَامِلَةً يَوْمَ الْقِيَامَةِ ۙ وَمِنْ أَوْزَارِ الَّذِينَ يُضِلُّونَهُم بِغَيْرِ عِلْمٍ ۗ أَلَا سَاءَ مَا يَزِرُونَ ) النحل : 25 } نعم سيحملون أوزارهم ويضاف عليها مثقال أوزارنا ولكن لا ينقص ذلك من أوزارنا ومسئوليتنا شيئا ولن يجدي اعتذار ولا ندم فقد حفظ الله لنا هذا الدين نصا ومعني عن طريق الصحابة الكرام والتابعين ومن تبعهم من أهل السنة والجماعة وكذلك واقعا في الطائفة المنصورة على مدار التاريخ وآتانا من يجدد لنا الدين على فترات متعاقبة كما وعدنا رسوله صلى الله عليه وسلم كما مر في الأحاديث السابقة ولا عذر لنا بالجهل وخصوصا في أصول هذا الدين لأننا في علوم الحياة الدنيا وفروعها من العلوم الدنيوية والتجارة والوظيفة والرياضة والفن واللهو والمرح ووو..علماء عاملون مجدّون !!! ، وإن كنا لا نملك أدوات العلم من اللغة والفهم والقراءه والبحث فقد قال لنا ربنا {( فَاسْأَلُوا أَهْلَ الذِّكْرِ إِن كُنتُمْ لَا تَعْلَمُونَ ) النحل : 43 } وأهل الذكر هم العالمون العاملون وليسوا علماء السلطة أو الفضائيات الذين يشترون بآيات الله ثمنا قليلا ووالله الذي لا إله إلا هو لن يسع أحد منا لمعرفة دين الله الصحيح الذي أنزله على عبده ورسوله محمد صلى الله عليه وسلم صادقا مخلصا إلا كان حقا على الله أن يعينه وييسر له الأمر ويهديه إلى صراطه المستقيم وهناك ألاف القصص لأناس من مشارق الأرض ومغاربها وبكل الأجناس واللغات غير لغة القرآن قد هداهم الله إلى الحقيقة إلى دينه الصحيح وخصوصا في وقتنا المعاصر برغم كل القوى المعادية لدين الله المُنزّل من شياطين الجن والأنس وأتباعهم من اليهود والنصارى والروافض وعملائهم من الطواغيت الذين يحكمون العالم الإسلامي ويتحكمون في كل المؤسسات التعليمية والإعلامية ولكن أنّي لهم في مواجهة الله وأمره وقدره {( وَلَا يَحْسَبَنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا سَبَقُوا ۚ إِنَّهُمْ لَا يُعْجِزُونَ ) الأنفال : 59 } ومن هذا القدر العجيب استدراجه سبحانه لقوى الجاهلية ومؤسساتها في إنشاء الشبكة العنكبوتية للإتصالات وكذلك وسائل التواصل العالمي ( فيس بوك ، تويتر ، تليجرام وغيرها ) التي كان الهدف منها أن تكون المؤسسة العالمية للتوجيه والإعلام الممثلة للنظام العالمي الجديد والحكومة العالمية ولكن مع مرور الوقت تفلتت الأمور وفقد النظام العالمي السيطرة المطلقة عليها حتى أصبحت مجالا للتنافس بين أطراف هذا النظام العالمي وكذلك بين قوى الحق والباطل بكل ألوانه وأطيافه وأصبح مجالا خصبا للصراع تماما ربما يفوق الصراع المادي فوق الأرض وأصبح منبرا معتبرا لكل من يريد إيصال الحق وكشف الحقائق فأصبح الأمر ميسرا كثيرا كذلك على كل من يريد البحث عن الحقيقة والإلتزام بمقتضياتها ( عقد منذ أكثر من خمس سنوات مؤتمر دولي باليابان لمناقشة طرق التحكم في هذه الوسائل المستحدثة والبحث عن نظام جديد ولكنهم لم يصلوا إلى شيء فعال ، فقد خرجت الأمور في هذه الوسائل عن السيطرة تماما وانقلب السحر على الساحر )...، ونحن نعلم يقينا أن هذا الصراع ....الصراع بين الدين المُنزّل والدين المُبدّل قد حسمه الله يوم نزل هذا الدين وهذا القرآن على رسوله صلى الله عليه وسلم قال تعالى {(إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ ) الحجر : 9 } وقال تعالى {( الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الْإِسْلَامَ دِينًا ) المائدة :3 }... ( ظهر أحد المفكرين الأمريكيين في إحدى القنوات التليفزيونية بمناسبة الدعوات المتكررة والتي تنادي بحذف نصوص الكتاب والسنة التي تدعوا المسلمين إلى التمسك بعقيدة الولاء والبراء والتي تدعوهم إلى الجهاد وقال إن هذه الدعوات-وآخرها مؤتمرالأزهر لتجديد الدين-  تدعوا إلى السخرية لأن هذه النصوص كثيرة ومتأصلة في دين المسلمين وفي تراثهم ومجرد التفكير في محوها بهذه الطريقة هو سذاجة وبلاهة ).. اذن فنحن لسنا قليقين على دين الله ، فالله ناصر دينه ومتم نعمته ولو كره الكافرون والمشركون والمجرمون والمنافقون والمرتدون ولكن الذي يستحق أن نقلق عليه ونشفق عليه هو أنفسنا نحن ،..أين موقعنا في هذا الصراع وفي أي فسطاط سنكون ... فسطاط الإيمان واليقين أم فسطاط الكفر والنفاق وحينئذا لن يكون القرار قرارنا إنما هو تقدير الله وتدبيره لنا أو كيده ومكره بنا طبقا لما يعلمه سبحانه وتعالى من حقيقة نوايانا وحقيقة واقعنا وما قدمناه في هذا الطريق...، وأخيرا أوجه هذا النداء.....فيأيها المؤمنون الصادقون الغرباء في أمة الإسلام أتباع السلف الصالح من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم والخلفاء الراشدين ومن تبعهم بإحسان وأهل السنة والجماعة والطائفة المنصورة علماء ومجاهدون وموحدون ..يأصحاب الدين المُنزّل من عند الله على رسوله صلى الله عليه وسلم خاتم النبيين والمرسلين ، هل أنتم مستعدون لخوض الصراع ..الصراع الأخير بين قوى الحق وقوى الباطل ..بين الدين المُنزّل والدين المُبدّل ..بين جند الله وبين جند الطاغوت ، فقد اقتربت المواجهة الحاسمة بل والله قد بدأت مقدماتها وقرعت طبولها ...فياذا الجلال والإكرام ويا حي ياقيوم لا إله إلا أنت ولا حول ولا قوة إلا بك اربط على قلوبنا بلإيمان والرضا والتسليم ، ويا مقلب القلوب ثبت قلوبنا على دينك ويا مصرف القلوب صرف قلوبنا على طاعتك ، وأرنا الحق حقا وارزقنا اتباعه وارنا الباطل باطلا وارزقنا اجتنابه ، اللهم اغفر لنا ذنوبنا وكفر عنا سيئاتنا وتوفنا مع الأبرار ، ربنا أفرغ علينا صبرا وثبت أقدامنا وانصرنا على القوم الكافرين وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين وصلى الله على محمد النبي الأمي وعلى آله وصحبه وسلم تسليما كثيرا... 
                                                                                                                                                                      الدكتور عبد الرحمن عبد البر 
                                                                                                                                                                        قسم الدراسات الإسلامية 
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
 
الدين المُنزّل والدين المُبدّل وحقيقة الصراع بينهما
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1
 مواضيع مماثلة
-
» قراءة فى كتاب أجهزة الإنعاش وحقيقة الوفاة بين الفقهاء والأطباء
» نقد كتاب الدين والعلم
» نقد مخطوط أصل السنة واعتقاد الدين
» قراءة فى خطبة حتى لا يضيع الدين
» نظرات فى بحث طرد الأرواح في الدين والمعتقد

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
منتدى رؤى المهدي :: المنتدى العام-
انتقل الى: