الوقاية من فتنة الدجال :
أرشد النبي صلى الله عليه وسلم أمته إلى ما يعصمها من فتنة المسيح الدجال ، فقد ترك أمته على المحجة البيضاء ليلها كنهارها لا يزيغ عنها إلا هالك . فلم يدع خيراً إلا دل أمته عليه ولا شراً إلا حذرها منه ، ومن جملة ما حذّر منه : فتنة المسيح الدجال لأنها أعظم فتنة تواجهها الأمة إلى قيام الساعة ، وكان كل نبي ينذر أمته الأعور الدجال ، واختص محمد صلى الله عليه وسلم بزيادة التحذير والإنذار ، وقد بين الله له كثيراً من صفات الدجال ليُحذِّرَ أمته فإنه خارج في هذه الأمة لا محالة ، لأنها آخر الأمم ومحمد صلى الله عليه وسلم خاتم النبيين . وهذه بعض الإرشادات النبوية التي أرشد إليها المصطفى صلى الله عليه وسلم أمته لتنجو من هذه الفتنة العظيمة التي نسأل الله العظيم أن يعافينا ويعيذنا منها :
التمسك بالإسلام ، والتسلح بسلاح الإيمان ومعرفة أسماء الله وصفاته الحسنى التي لا يشاركه فيها أحد ، فيعلم أن الدجال بشر يأكل ويشرب ، وأن الله تعالى منزه عن ذلك ، وأن الدجال أعور والله ليس بأعور ، وأنه لا أحد يرى ربه حتى يموت والدجال يراه الناس عند خروجه مؤمنهم وكافرهم .
التعوذ من فتنة الدجال ، وخاصة في الصلاة ، وقد وردت بذلك الأحاديث الصحيحة ، منها ما روي عن أم المؤمنين عائشة زوج النبي صلى الله عليه وسلم : أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يدعو في الصلاة : " اللَّهُمَّ إِنِّي أَعُوذُ بِكَ مِنْ عَذَابِ الْقَبْرِ ، وَأَعُوذُ بِكَ مِنْ فِتْنَةِ الْمَسِيحِ الدَّجَّالِ ، وَأَعُوذُ بِكَ مِنْ فِتْنَةِ الْمَحْيَا وَفِتْنَةِ الْمَمَاتِ ، اللَّهُمَّ إِنِّي أَعُوذُ بِكَ مِنْ الْمَأْثَمِ وَالْمَغْرَمِ " رواه البخاري برقم 789 .
وروى مسلم عن أبي هريرة رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " إِذَا تَشَهَّدَ أَحَدُكُمْ فَلْيَسْتَعِذْ بِاللَّهِ مِنْ أَرْبَعٍ ، يَقُولُ : اللَّهُمَّ إِنِّي أَعُوذُ بِكَ مِنْ عَذَابِ جَهَنَّمَ وَمِنْ عَذَابِ الْقَبْرِ وَمِنْ فِتْنَةِ الْمَحْيَا وَالْمَمَاتِ وَمِنْ شَرِّ فِتْنَةِ الْمَسِيحِ الدَّجَّالِ " رواه مسلم برقم 924 .
حفظ آيات من سورة الكهف ، فقد أمر النبي صلى الله عليه وسلم بقراءة فواتح سورة الكهف على الدجال ، وفي بعض الروايات خواتيمها ، وذلك بقراءة عشر آيات من أولها أو آخرها . ومن الأحاديث الواردة في ذلك ما رواه مسلم من حديث النواس بن سمعان الطويل ، وفيه قوله : " فَمَنْ أَدْرَكَهُ مِنْكُمْ فَلْيَقْرَأْ عَلَيْهِ فَوَاتِحَ سُورَةِ الْكَهْفِ " حديث رقم 5228 .
وروى مسلم برقم 1342 عن أبي الدرداء رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : " مَنْ حَفِظَ عَشْرَ آيَاتٍ مِنْ أَوَّلِ سُورَةِ الْكَهْف عُصِمَ مِنْ الدَّجَّالِ " أي : من فتنته ، قال مسلم : قال شعبة : " مِنْ آخِرِ الْكَهْفِ و قَالَ هَمَّامٌ مِنْ أَوَّلِ الْكَهْف " .
قال النووي : " سَبَب ذَلِكَ مَا فِي أَوَّلهَا مِنْ الْعَجَائِب وَالآيَات , فَمَنْ تَدَبَّرَهَا لَمْ يُفْتَتَن بِالدَّجَّالِ , وَكَذَا فِي آخِرهَا قَوْله تَعَالَى : ( أَفَحَسِبَ الَّذِينَ كَفَرُوا أَنْ يَتَّخِذُوا .. ) " شرح صحيح مسلم 6 / 93 .
وهذا من خصوصيات سورة الكهف فقد جاءت الأحاديث بالحث على قراءتها وخاصة في يوم الجمعة ، روى الحاكم عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : " إِنَّ مَنْ قَرَأَ سُوْرَةَ الْكَهْفِ يَوْمَ الْجُمُعَةِ أَضَاءَ لَهُ مِنَ الْنُّوْرِ مَا بَيْنَ الْجُمُعَتَيْنِ " المستدرك ( 2 / 368 ) ، وصححه الألباني ( صحيح الجامع الصغير / حديث رقم 6346 ) .
ولا شك أن سورة الكهف لها شأن عظيم ، ففيها من الآيات الباهرات كقصة أصحاب الكهف وقصة موسى مع الخضر وقصة ذي القرنين وبناءه للسد العظيم حائلاً دون يأجوج ومأجوج ، وإثبات البعث والنشور والنفخ في الصور ، وبيان الأخسرين أعمالاً وهم الذين يحسبون أنهم على الهدى وهم على الضلالة والعمى .
فينبغي لكل مسلم أن يحرص على قراءة هذه السورة وحفظها وترديدها وخاصة في خير يوم طلعت عليه الشمس ، وهو يوم الجمعة .
الفرار من الدجال والابتعاد منه ، والأفضل سكنى مكة والمدينة ، والأماكن التي لا يدخلها الدجال ، فينبغي للمسلم إذا خرج الدجال أن يبتعد منه وذلك لما معه من الشبهات والخوارق العظيمة التي يجريها الله على يديه فتنة للناس ، فإنه يأتيه الرجل وهو يظن في نفسه الإيمان والثبات فيتبع الدجال ، نسأل الله أن يعيذنا من فتنته وجميع المسلمين .
روى الإمام أحمد ( 19118 ) وأبو داود (3762 ) والحاكم ( 4/531 ) عن عمران بن حصين رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : " مَنْ سَمِعَ بِالدَّجَّالِ فَلْيَنْأَ - يبتعد - مِنْهُ ، فَإِنَّ الرَّجُلَ يَأْتِيهِ يَتَّبِعُهُ وَهُوَ يَحْسِبُ أَنَّهُ صَادِقٌ بِمَا يُبْعَثُ بِهِ مِنْ الشُّبُهَاتِ " .
منقوله