السلام عليكم و رحمة الله و بركاته.
حديث الهدة: صحته، شواهده، و مدى تطابقه مع أحداث اليوم.
يروج منذ زمن بين الناس الحديث المعروف اختصارا ب(حديث الهدة) لانذاره بهدة تقع في رمضان في ليلة النصف منه و تكون ليلة جمعة، و الحديث الأصلي رواه نعيم بن حماد في كتاب الفتن و هو التالي:
( عن ابن مسعود قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إذا كان صيحة في رمضان فإنه يكون معمعة في شوال، وتمييز القبائل في ذي القعدة، وتسفك الدماء في ذي الحجة والمحرم وما المحرم -يقولها ثلاث مرات- هيهات هيهات! يقتل الناس فيه هرجا هرجا، قلنا وما الصيحة يا رسول الله؟ قال: هدة في النصف من رمضان ليلة الجمعة فتكون هدة توقظ النائم وتقعد القائم وتخرج العواتق من خدورهن في ليلة جمعة في سنة كثيرة الزلازل والبرد، فإذا وافق شهر رمضان في تلك السنة ليلة الجمعة فإذا صليتم الفجر من يوم الجمعة في النصف من رمضان فادخلوا بيوتكم وأغلقوا أبوابكم وسدوا كواكم ودثروا أنفسكم وسدوا آذانكم، فإذا أحسستم بالصيحة فخروا لله سجدا وقولوا: سبحان القدوس، سبحان القدوس، ربنا القدوس، فإنه من فعل ذلك نجا ومن لم يفعل هلك).
أما درجة صحته فقد قال علماء الحديث أن في سنده ابن لهيعة وهو ضعيف لأنه خلط بعد احتراق كتبه، وفيه عبد الوهاب بن حسين وهو مجهول؛ كما قال الحاكم وابن حجر، وفيه محمد بن ثابت البناني، وهو معدود في المجروجين والضعفاء عند ابن حبان وابن عدي، وفيه الحارث الأعور الهمداني وهو من الكذابين؛ كما قال الشعبي وأبو حاتم وابن المديني، وقال أبو زرعة: لا يحتج بحديثه.
ووثقه بعضهم في روايته عن علي، وهذا الحديث ليس من روايته عن علي، وإنما رواه عن ابن مسعود.
الا ان للحديث شواهد عدة من أحاديث أخرى (و ان كانت هي أيضا ضعيفة فانها تدعم الحديث الأصلي)، و منها مثلا:
- أنه عليه الصلاة والسلام قال : يكون في رمضان صوت ، وفي شوال مهمهة ، وفي ذي القعدة تتحارب القبائل ، وفي ذي الحجة ينتهب الحاج ، وفي المحرم ينادي مناد من السماء : ألا إن صفوة الله من خلقه فلان – يعني المهدي – فاسمعوا له وأطيعوا
الراوي: شهر بن حوشب المحدث: ملا علي قاري - المصدر: الأسرار المرفوعة - الصفحة أو الرقم: 450
خلاصة حكم المحدث: مرسل.
- عن أبي أمامة قال :
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : يكون فى رمضان صوت
قالوا : يارسول الله في أوله أو في أوسطه أو في آخره
قال : بل في النصف من شهر رمضان إذا كانت ليلة النصف ليلة جمعة يكون الصوت,
يصعق له سبعون ألفا , وتفتق فيه سبعون ألف عذراء , ويعمى سبعون الفا
قالوا : فمن السالم يا رسول الله
قال : من لزم بيته وتعوذ بالسجود وجهر بالتكبير
وقال : ويتبعه صوت آخر فالصوت الأول صوت جبريل والصوت الثاني صوت الشياطين
والصوت في رمضان والمعمعة في شوال وتميز القبائل فى ذي القعدة ويغار على الحجاج وأما المحرم فأوله بلاء وآخره فرج على أمتي.
اورده صاحب الدرر واخرجه ابو عمر عثمان بن سعيد المقرى.
فالحديث اذن ضعيف الا ان صدقه الواقع فيكون له اصل، خاصة و أن هناك شواهد تدعمه. و هو يتحدث عن صيحة تكون ليلة النصف من رمضان (نرجح أنها بسبب عامل طبيعي كوني كاقتراب كوكب أو ما الى ذلك) لا يكون المنجى منها الا بغلق الابواب و المنافذ كلها (و قد ثبت علميا أن هذا يخفف من خطر الصوت العالي على الانسان) و التدثر (التغطي بأغطية كثيرة و خشنة) و غلق الآذان (لأن الخطر متأتي من الصوت المدمر)، و الالتجاء الى السجود و التسبيح ( سبحان ربنا القدوس) اذا أحسست بارتجاج و هزة. و الحديث يصرح أن الأمة و العالم منذر ببلاء كبير يعقبه الفرج بظهور المهدي في آخر محرم من السنة الموالية لسنة الهدة.
الاشارات كلها تتوافق على أن هذه السنة هي الموصوفة بسنة الهدة ان صح الحديث (شدة البرد، و كثرة الزلازل، و في منتصف رمضانها يكون يوم جمعة)، فلا بأس أن نستأنس به على ضعفه ، فلقد بيننا أن الواقع صدق كثيرا من الأحاديث الضعيفة، فليس ببعيد أم يكون حديث الهدة مما يصدقة الواقع، خصوصا أن الرؤى تواترت على قرب حدوث كارثة عظمى تسبب زلازل و طوفانا غير معهود. لذلك فان صدق الحديث بتفاصيله فعلينا الحذر و التيقن أن ظهور المهدي سيكون قريبا، فاعتمادا على الحديث سيكون ظهوره بعد الهدة بزهاء اربعة أشهر.
و الله أعلم
منقول